أبحاث

الحشود العسكرية الأمريكية في شرق المتوسط للردع أم للحرب

إعداد الباحث : صالح الحموي

السؤال البحثي: ما هي طبيعة الأسلحة والقوات والأسلحة الاستراتيجية التي تم حشدها وأين تتموضع وهل هي حشود لمجرد الردع ومنع تمدد الحرب بين غزة وتل أبيب إلى منطقة الشرق الأوسط أم أنها حشود لأجل عمل عسكري يتم التحضير له وما هي الأهداف المتوقعة في حال نشوب الحرب؟

الفرضيات:

  • الفرضية الأولى: أن الحشود العسكرية الأمريكية في شرق المتوسط هي حشود للردع فقط، بهدف منع تمدد الحرب بين غزة وتل أبيب إلى منطقة الشرق الأوسط.
  • الفرضية الثانية: أن الحشود العسكرية الأمريكية في شرق المتوسط هي حشود لأجل عمل عسكري يتم التحضير له، بهدف ضرب أهداف إيرانية أو حزب الله في المنطقة.

منهج البحث:

  • المنهج الوصفي: لوصف طبيعة الأسلحة والقوات والأسلحة الاستراتيجية التي تم حشدها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية في منطقة شرق المتوسط.
  • المنهج التحليلي: لتحليل دوافع الولايات المتحدة الأمريكية وراء هذه الحشود العسكرية.
  • المنهج التنبؤي: لتوقع الأهداف المتوقعة من هذه الحشود العسكرية في حال نشوب الحرب.

خطة البحث:

  • المقدمة: عرض السؤال البحثي وأهداف البحث.
  • الفصل الأول: وصف طبيعة الأسلحة والقوات والأسلحة الاستراتيجية التي تم حشدها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية في منطقة شرق المتوسط.
  • الفصل الثاني: تحديد مواقع هذه الحشود العسكرية.
  • الفصل الثالث: تحليل دوافع الولايات المتحدة الأمريكية وراء هذه الحشود العسكرية.
  • الفصل الرابع: تصنيف هذه الحشود العسكرية إلى حشود للردع أو حشود للحرب.
  • الفصل الخامس: تحديد الأهداف المتوقعة من هذه الحشود العسكرية في حال نشوب الحرب.
  • توصيات:

المقدمة:

منذ أن بدأت عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر وبدأت تتدفّق الحشودات الأمريكيّة والغربيّة إلى المنطقة بشكل لم يسبق له مثيل منذ حرب أفغانستان عام 2001 وحرب العراق عام 2003، وسنبحث في هذه الورقة دوافع وأهداف هذه الحشودات الأمريكيّة الضخمة، وأماكن انتشارها، وأنواعها وتصنيفاتها، إذ إنّ أغلب الأوراق البحثية التي استعرضت وناقشت وبحثت هذه الحشود بحثتها في إطار عودة أمريكا إلى الشرق الأوسط، ودخولها في مستنقع جديد، أو تغيّر أولويات أمريكا من روسيا والصين إلى الشرق الأوسط من جديد، لكن لم نقف على ورقة بحثية ناقشت هل هذه الحشود هي لردع إيران وبعض دول المنطقة التي بدأت تتمرّد على السياسات الأمريكيّة، أم هي للحرب واستعداد لمعارك كبيرة قادمة في الشرق الأوسط؟

الفصل الأول: وصف طبيعة الأسلحة:

يتواجد لأمريكا بين 60 ألف مقاتل في منطقة الشرق الأوسط قبل 7 أكتوبر، ومع الحشود العسكرية الضخمة التي تدفّقت بعد 7 أكتوبر وصل العدد إلى حوالي 120 – 130 ألف، القواعد الأمريكية الثابتة في المنطقة قبل 7 أكتوبر:[1]

 

الدولة أبرز القواعد في الدولة مهمتها
قطر قاعدة العديد (أكبر قاعدة في الشرق الأوسط) هي مقر الأسطول الخامس الذي يتألف من مجموعات قتالية من حاملات الطائرات والغواصات، وقوات برمائية متمركزة بشكل دائم، وقوات إزالة الألغام وقوات مراقبة بحرية.

وفيها مركز العمليات الجوية المشتركة، المسؤول عن تنسيق القوات الجوية الأمريكية وحلفائها في جميع أنحاء الشرق الأوسط، خاصة في المجال الجوي فوق العراق وسوريا وأفغانستان.

البحرين قاعدة الشيخ عيسى الجوية فيها طائرات عسكرية أميركية، من بينها F-16 وF/A-18 وطائرات المراقبة P-.
الكويت  قاعدة علي السالم الجوي تحتفظ الولايات المتحدة بنحو 10 ألاف جندي أمريكي بقواعدها في الكويت، من بينهم نحو 1400 بشكل دائم.
سوريا حقل العمر النفطي – التنف يتواجد حوالي 900 جندي أمريكي في سوريا لأغراض التدريب وتقديم المشورة للقوات المحلية الشريكة.
العراق يتواجد نحو 2500 جندي أمريكي في العراق لأغراض التدريب وتقديم المشورة للقوات المحلية الشريكة
مصر يمثل الجنود الأمريكيون غالبية أفراد بعثة المراقبين المتعددة الجنسيات المشرفة على تنفيذ اتفاقيات كامب ديفيد
إسرائيل قاعدة مشابيم الجوية في صحراء النقب ينتشر جنود أمريكيون لدعم نظام الدفاع الصاروخي “القبة الحديدية”
الأردن  قاعدة الملك فيصل الجوية في الجفر
السعودية  أنهت السعودية وجود القواعد العسكرية على أراضيها عام 2003. بقي عدد محدود من الجنود في إطار مهام التدريب والتعاون العسكري بين البلدين.
الإمارات  قاعدة الظفرة الجوية تعد من أهم المنشآت العسكرية في جميع أنحاء المنطقة

 

أمّا بعد سبعة أكتوبر فبدأت تتوافد مزيد من القوات الأمريكيّة كان أولها وصول 900 مقاتل من الجيش الأمريكي مهمّتهم تعزيز القواعد العسكرية للدفاع الجوي أي أنّهم مختصّون بمنظومات ثاد وباتريوت المنتشرة في الشرق الأوسط.[2]

كما وصلت حاملة الطائرات الأضخم في التاريخ “جيرالد فورد” إلى منطقة الشرق الأوسط بتاريخ 10 أكتوبر[3]، أي بعد 4 أيام من عملية طوفان الأقصى، وتبعها أسطول حاملة الطائرات دوايت أيزنهاور التي وصلت بتاريخ 5 نوفمبر.[4]

توصيف الحاملتين:

جيرالد فورد:

توفر حاملة الطائرات جيرالد فورد خيارات عسكرية متعددة للولايات المتحدة، فبالإضافة إلى كونها استعراض للقوة الصلبة أمام الأعداء وحتى الأصدقاء في منطقة الشرق الأوسط، فيمكن لها أن توفر الذخائر للجيش الإسرائيلي، وحتى الطائرات الهجومية والمقاتلة من نوع إف 35، وإف16، وإف 15.

وفي حال تعرض القواعد العسكرية الجوية الإسرائيلية لقصف بالطائرات المسيرة أو الصواريخ، فيمكن لحاملة الطائرات أن تشكل ملاذاً آمناً مؤقتاً للطائرات الحربية الإسرائيلية.

وتعد فورد، التي شُغّلت في عام 2017، أحدث حاملة طائرات في الولايات المتحدة والأكبر في العالم، إذ تضم على متنها أكثر من 5000 بحّار. ويمكن للحاملة المدعومة بمفاعلين نوويين متطورين، ما يسمح لها بالتقدم بسرعة 34.5 ميل في الساعة، استيعاب أكثر من 75 طائرة عسكرية، بما في ذلك طائرات مقاتلة.

وبالإضافة إلى نظام الإنذار المبكر والرادار المتطور، تحمل السفينة مجموعة من الأسلحة المصممة لدعمها ضد الهجمات في أثناء إطلاق طائرات مدججة بالسلاح لمئات الأميال في أي اتجاه، وهي في مركز مجموعة حاملة الطائرات الضاربة التي لا تضم فقط جناح طائرات مكوناً من 80 طائرة، بل خمس مدمرات وطرادات متطورة للغاية.[5]

دوايت أيزنهاور:

تتكون من حاملة الطائرات وطراد الصواريخ الموجهة “USS Philippine Sea” (CG 58)، ومدمرات الصواريخ الموجهة USS Mason (DDG 87) وسرب المدمرات (DDG 107)، والجناح الجوي الناقل (CVW) 3 مع أسرابه التسعة، وقائد حرب المعلومات.[6]

تقسم القوات البحرية والجوية في منطقة الشرق الأوسط والتي تشكل عماد قوة قيادة القوات الوسطى الأمريكية وتتبع لقيادة الأسطول الخامس الأمريكي إلى قسمين:

الأول: قواعد ثابتة وتم تعزيزها وتضم قرابة 60 ألف مقاتل متعدد المهام.

الثاني: متحركة عبارة عن قطع بحرية للدعم الجوي والصاروخي البعيد.

أهم القواعد العسكرية الجوية الثابتة التابعة للجيش الأمريكي وتقع أغلبها في منطقة الخليج العربي وتضم 18 سفينة وتضم مجموعات قتالية من حاملات الطائرات والغواصات وقوات برمائية متمركزة بشكل دائم وقوات إزالة الألغام وقوات مراقبة بحرية منها:

  • حاملة طائرات (يو أس أس هاري ترومان) وتم إرسالها مع أسطولها نحو مضيق بحر إيجة بعد الحرب الأوكرانية قرابة السواحل التركية.
  • 3 مدمرات صواريخ كروز موجهة هي:
  • المدمرة يو أس أس لاسين
  • المدمرة (يو أس أس فاراغوت)
  • المدمرة (يو أس أس فوريست شيرمان)
  • طراد صواريخ موجهة (يو أس أس نورماندي) تم نقله للبحر المتوسط جانب أسطول حاملة الطائرات فورد بعد أحداث غزة.
  • طائرات F16 / F18 وطائرات مراقبة جوية من نوع P3.
  • خمسة عشر ألف عسكري غير ثابتين لهم مهام قتالية متعددة ومتنقلة بين الخليج والعراق وسوريا وأفغانستان سابقاً.

التعزيزات بعد 7 أكتوبر:

  • تتواجد سابقاً قبالة السواحل السورية حاملة الطائرات (يو أس أس دبليو بوش) مع قطعها العسكرية في مهام مراقبة ودعم بعد الهجمات التي تعرضت لها القواعد العسكرية الأمريكية شرق الفرات وهي تخضع لقيادة القوات الأمريكية في أوروبا، بعد أحداث غزة تمّ تعزيز هذه القوة عبر إرسال حاملة الطائرات أيزنهاور والأسطول المرافق لها وتمركز قبالة السواحل الإيرانية على بعد 300 كم منها قرب السواحل العمانية.
  • تمّ تعزيز المنطقة بوصول الغواصة أوهايو النووية لمنطقة الخليج العربي.
  • تم إرسال قوة جوية كبيرة للقواعد الأمريكية في القواعد المتواجدة في الخليج العربي منها طائرات (F35 / A10A F16).
  • مدمرات من فئة راماج وماكفول وتوماس هدنر.
  • بطاريات ثاد وبطاريات إضافية من نظام باتريوت
  • أسراب طائرات جديدة من نوع A-10 وF-15 وF-16 لدعم المتواجدة في الشرق الاوسط.
  • تعزيزات بريطانية ضمت: سفينتين حربيتين تابعتين للبحرية الملكية البريطانية وطائرات هليكوبتر من نوع ميرلين وطائرات مراقبة عن بعد للمسح الجوي من نوع بي 8، كما نشرت القوات الجوية البريطانية طائرات تجسس لمهام جمع المعلومات الاستخباراتية فوق غزة ولبنان، أغلب التعزيزات البريطانية والألمانية والدول الأخرى تم استقدامها للمتوسط قدمت نحو القواعد البريطانية في جزيرتي أكروتيري ودكليا في قبرص.
  • تم إرسال قوة استخباراتية جوية فرنسية للدعم مهامها في لبنان وشمال إسرائيل.
  • تم تعزيز قاعدة اليوسيس الجوية اليونانية قرب أثينا بعدد هائل من المقاتلات الجوية الأمريكية من مختلف الطرازات ومنها قاذفات استراتيجية.
  • تمّ تعزيز قاعدة سودا في جزيرة كريت بقوات جوية هائلة منها 30 طائرات كبيرة 7 منها طائرات تزويد بالوقود من نوع كيه سي-135 وأيضاً 10 طائرات شحن عسكرية ضخمة وطائرة مراقبة جوية، وتم استقدام قوات عسكرية من مشاة البحرية الأمريكية للقاعدة بعدد كبير جداً، وتم استقدام عدد كبير من عشرات الطائرات المقاتلة للقاعدة وتستخدم القاعدة لعمليات التجميع وجسر جوي نحو قواعد الشرق الأوسط الأخرى.
  • البحر الأحمر: ضم البحر الأحمر العديد من تعزيزات البحرية الأمريكية بعد أحداث غزة وأهمها السفن الحربية:
  • يو إس إس باتان
  • ويو إس إس كارتر هول
  • المدمرة يو إس إس توماس هاندر

بالإضافة ل 3000 عسكري على متنها.[7]

ملاحظة:

كل حاملة طائرات يعد الأسطول المرافق لها جيش متكامل وتضم عدة سفن حربية مرافقة ومدمرات وفرقاطات وغواصتين، والحاملة الواحدة تضم قرابة 4000 إلى 5000 عسكري على متنها.

الفصل الثالث: تحليل دوافع الولايات المتحدة وراء هذه الحشود:

بتتبع دقيق ووفق تسلسل زمني منذ عملية طوفان الأقصى للمسؤولين الأمريكيين نجد أنّ كل تصريحاتهم الرسمية من أعلى هرم السلطة “بايدن”، إلى وزير الدفاع المسؤول عن نشر القوات الأمريكية[8]، إلى وزير الخارجية، إلى الناطق باسم البنتاغون كلّها تتمحور حول نقطة أساسية أنّ إرسال القوات الأمريكية هو للردع وليس للمشاركة في حرب غزة، وهو لحماية إسرائيل، ولمنع أطراف أخرى من الانخراط في الحرب[9] ويقصدون طبعاً إيران وأذرعها في المنطقة من الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان والميليشيات في سوريا والعراق.

كما أنّ الرئيس الأمريكي قد أوصل رسالة إلى إيران عبر وسيط لم تسمه المصادر الرسمية بعدم انخراطها في الحرب وإلا ستواجه قوّة تدميريّة شاملة من قبل القوات الأمريكية.[10]

كما أرسل “بايدن” رسالة للحكومة اللبنانية حثّها وحذّرها من أخطار انخراط حزب الله في المعركة على غزة، وبأنّ ذلك سيعرّض لبنان كله للخطر وقصف البنى التحتية.[11]

ويمكن تلخيص أهداف الحشودات الأمريكية وفق التصريحات الرسمية والمعلنة إلى ما يلي:

  • ردع “حزب الله” وإيران من المشاركة في الحرب.
  • احتمال قيام الولايات المتحدة بعمليات عسكرية محدودة لإجلاء أو تحرير مواطنين أمريكيين وتوفير ملاذ للطائرات الإسرائيلية إذا قصفت قواعدها.
  • واشنطن ترغب في حماية مسرح الجريمة في غزة من أي تدخل دولي.

بالنسبة لهدف أمريكا من الحشود وهو المشاركة في معارك غزة فهناك عدة مصادر وقرائن حال تثبت أنّ قوات دلتا[12] المسؤولة عن تحرير الرهائن تشارك في عمليات غزة بالإضافة إلى وجود مستشارين أمريكيين في غرفة العمليات يساعدون القوات الإسرائيلية في تنفيذ مهامها.

أمّا عن ردع ميليشيات إيران من المشاركة في حرب غزة وعلى رأسها حزب الله فقد تحقّق الردع ولم يشارك حزب الله بعد خمسين يوماً من المعركة واكتفى بمناوشات وفق قواعد الاشتباك هو وميليشيات إيران في سوريا من الجبهة الجنوبية.

وأمّا كهدف سياسي لإدارة “بايدن” من أجل انتخابات العام القادم فأمريكا ملتزمة بحفظ الأمن القومي الإسرائيلي مهما بلغت التكلفة وعملية 7 أكتوبر تأتي خارج إطار حسابات الانتخابات واللوبي الإسرائيلي الداعم، وبالتالي لن تكون هذه القوات من أجل حشد سياسي لإدارة بايدن لكسب أصوات اللوبي اليهودي في أمريكا.

وبالنسبة لهدف عمليات إجلاء الإسرائيليين ذوي الجنسية الأمريكية فلم يتم تحقق هذا الهدف كون بالأصل تحقق الردع ولم تقم ميليشيات لإيران بعمليات قصف صاروخية على إسرائيل مما يستدعي القيام بعمليات إجلاء لأكثر من 200 ألف أمريكي من أصل إسرائيلي.

الفصل الرابع: تصنيف الحشود للردع أم للحرب:

القواعد الأمريكية الثابتة مثل قاعدة موفق السلطي في الأردن، وقاعدة السيلية في قطر، وقاعدة عين الأسد في العراق وأربيل، وفي الكويت، والبحرين، والسعودية هذه بالأساس متواجدة لتحقيق أهداف الامن القومي الأمريكي المتمثّل في حفظ طرق التجارة الدولية، وحفظ أمن حلفاء أمريكا من دول الخليج، والحكومة العراقية، وإقليم كردستان، ومصر، وقبل ذلك طبعا حفظ أمن إسرائيل، لكن بالطبع بعد عملية استهداف منشأة آرامكو في عام 2020 بدأت تتآكل العلاقة بين الحلفاء التقليديين لأمريكا وأمريكا، وبدأت أزمة انعدام الثقة بين الطرفين بعد تخلّي أمريكا عن حماية السعودية وعدم الرد المناسب لتحقيق الردع، وتدحرجت الكرة وازدادت بعد قيام ميليشيات إيرانية وأذرعها بعمليات خطف لناقلات نفط في مياه الخليج العربي، والهجوم على القواعد الأمريكية في سوريا والعراق بشكل متكرر خلال الثلاثة أعوام الماضية.

ومنذ عملية طوفان الأقصى تعرّضت القواعد الأمريكية في سوريا والعراق إلى 73 هجوم[13] خلّف 60 جريحاً وإصابات في صفوف الجنود الأمريكيين بارتجاج دماغي كما صرح الناطق باسم البنتاغون “بات رايدر”.

ترجيح الحرب على الردع:

طبيعة القوات الأمريكية التي أتت المنطقة بعد السابع من أكتوبر وعلى رأسها حاملة الطائرات “جيرالد فورد” والتي لم تأتِ إلى المنطقة منذ عام 2003 حرب العراق، وكذلك نظيرتها ” أيزنهاور”، بالإضافة إلى المناورات العسكريّة الأضخم في التاريخ بين أمريكا وإسرائيل “جونيبر أوك” التي جرت في شهر يناير بداية عام 2023 وشاركت فيها 100 طائرة وقاذفة أمريكيّة و42 مقاتلة إسرائيلية.[14]

كذلك وصف القوات التي أتت المنطقة هي قوات قتالية وليس قوات تدريب أو مستشارين، فأغلب المستشارين غادروا القواعد الأمريكية في المنطقة لتحل مكانهم القوات المدرّبة والمحترفة، والدعم اللوجستي الهائل لهذه القوات وربطها بالقواعد العسكرية الثابتة يدل على أنّ هذه القوات ستبقى إلى أمدٍ طويل قد يتجاوز العام إلى عام ونصف.

والترتيب الهيكلي لهذه القوات التي تتبع جميعها إلى القيادة المركزيّة الوسطى والتي ينضوي تحتها 24 جيشاً حليفاً من دول المنطقة وعلى رأسها إسرائيل، والعراق، ومصر، ودول الخليج، مع وجود قوّات التحالف الدولي ضد داعش التي تتكون من 80 دولة، كل هذه المؤشرات تدل على أنّ الحشودات الأمريكية قادمة للحرب وليس للردع، لكن الحرب ستكون ضد من؟ الحرب ستكون ضدّ الميليشيات الإيرانية في سوريا، والعراق، ولبنان، واليمن في مرحلة لاحقة دون المساس بالنظام الإيراني حالياً.

فوفق مصدر خاص أنّه في مفاوضات وراء الكواليس بين إسرائيل وأمريكا عرض نتنياهو خطة بعد انتهائه من حرب غزّة تتعلّق بجنوب لبنان وهي: إقامة منطقة عازلة بعمق الأراضي اللبنانية، وإبعاد قوّات حزب الله وإحلال قوّات الجيش اللبناني مكانها، وهذا الأمر بالتأكيد سيرفضه حزب الله وبالتالي ستضطر إسرائيل لتنفيذ ذلك بالقوة وهنا ستكون بحاجة القوات الأمريكية لتنفيذ هذا المخطط، وما يرجح هذا الأمر هو نزول قوات أمريكية في قاعدة “حامات” العسكرية في مدينة طرابلس اللبنانية[15]، كذلك هذه القوات الأمريكية الضخمة تكلفتها المادية تتجاوز ال300 مليار دولار، بالإضافة إلى التكلفة التشغيلية اليوميّة التي تتجاوز ال 50 مليون دولار، فلن تدفع أمريكا هذه التكلفة من أجل الردع فقط خاصّةً في ظل الانقسام داخل الكونغرس بين الديمقراطيين والجمهوريين حول مهام هذه القوات والحشودات.

بعد عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر لن تسمح إسرائيل بإبقاء قنبلة موقوتة مثل حزب الله على حدودها الذي يمتلك 150 ألف صاروخ وعشرات ألوف المسيّرات من نوع شاهد الإيرانية، كذلك لن يسمح بوجود أكثر من 40 ألف من الميليشيات الإيرانية على حدوده الشمالية جنوب سوريا تحت غطاء قوات النظام السوري، وفي أمريكا بدأت تتزايد أصوات داخل إدارة البنتاغون بعد تزايد هجمات الميليشيات الإيرانية على قواعدها في العراق وسوريا دون ردع حقيقي، بالإضافة إلى حاجة بايدن إلى أصوات اللوبي اليهودي داخل أمريكا والذي خيّرته إسرائيل إمّا تضرب إيران أو تضرب أذرع إيران فاختار التكلفة الأقل وهي ضرب أذرع إيران ويبقى الخلاف بين الإدارة الأمريكية وإسرائيل هي في التوقيت فأمريكا تريد الخلاص من حرب غزّة أولاً ثمّ التفرّغ للميلشيات الإيرانية في كل دولة على حدى تبدأ من سوريا، ثم لبنان، ثم العراق، أو العكس دون الاقتراب من النظام الإيراني، وهذه الحشودات سيكون هدفها منع إيران من الانخراط في قصف القواعد الأمريكية وحلفائها من الخليج عندما ستقدم أمريكا على ضرب الأذرع الإيرانية في المنطقة.

الفصل الخامس: الأهداف المتوقعة في حال نشوب الحرب:

ستكون هناك أهداف استراتيجية بعيدة مدى وأهداف عملياتية آنية، أمّا الأهداف الاستراتيجية في حال اندلاع الحرب ضدّ الميليشيات الإيرانية وحزب الله في المنطقة فهي المصالح المستقبلية للولايات المتحدة الأمريكية:

  1. إعادة السيطرة على مصادر الطاقة.
  2. إعادة تنظيم العالم من طرف الغرب.
  3. قطع الطريق على النفوذ الصيني في المنطقة.
  4. إنجاح مشروع طريق الحرير الهندي – الأوروبي إذ يُعتبر المحور الإيراني يهدد مصالح هذا المشروع الاقتصادي.

أمّا الأهداف العملياتية الآنّية فهي تتمثّل بـ:

  1. قطع الشريان البرّي بين طهران وبيروت عبر السيطرة على الحدود السورية العراقية.
  2. إنهاء قوة حزب الله العسكرية كقنبلة موقوتة على الحدود الإسرائيلية وتحويله إلى حزب سياسي أو على الأقل إضعاف قوته لدرجة لا يُشكّل خطراً حقيقياً على إسرائيل.
  3. توسعة مناطق النفوذ الأمريكية في سوريا لتمتد من البوكمال إلى التنف وربما توسعتها إلى المناطق الجنوبية في مرحلة لاحقة.
  4. إعادة الثقة إلى حلفاء الولايات المتحدة من الأردن ودول الخليج، وحمايتهم من إيران ومشروعها التوسعي.

توصيات:

على الفواعل في المنطقة من أحزاب وجماعات ودول إقليمية مراقبة الحشودات العسكرية الأمريكية وتحركاتها بدقّة والتحضير لجميع السيناريوهات وخاصّةً السيناريو المُرجّح وهو الحرب على الميليشيات الإيرانية وحزب الله في مرحلة لاحقة وهنا ستكون هناك فرصة ذهبية لثورات الربيع العربي في المنطقة وللأحزاب والجماعات السنيّة التي تعرّضت للقتل والتشريد من قبل إيران وميليشياتها، كذلك ستكون هناك فرصة ذهبيّة لتركيا لتصفير مشاكلها مع أمريكا وتكون هي شرطي المنطقة بديلاً عن إيران، لذا نوصي بما يلي:

  1. فتح قنوات اتصال أعمق بين تركيا وأمريكا لتذليل العقبات وتجاوز الخلافات.
  2. انخراط تركيا في المشروع الأمريكي ضدّ الميليشيات الإيرانية في سوريا، وإبداء الرغبة في إرسال قوات إلى مناطق شرق دير الزور لتحل محل قوات قسد في المحافظة.
  3. استغلال الظرف الأمريكي في محاربتها لروسيا في أوكرانيا وربط جبهة إدلب مع مناطق شمال شرق سوريا لتقويض النفوذ الروسي في سوريا.
  4. توحيد المنطقة الجغرافيا من الكبينة في اللاذقية إلى رأس العين في جسم جغرافي واحد وحكومة واحدة وجسم عسكري واحد، وهذا يحتاج إلى توافق تركي – أمريكي ومرونة من فصائل الأمر الواقع في هذه المناطق.
  5. جمع شتات المعارضة العراقية السنيّة في المهجر مع المعارضة السنية العراقية في الداخل والمنخرطة في الحكومة العراقية، وفتح قنوات اتصال مع أمريكا بشكل مباشر لاستغلال الحالة السياسية في المرحلة القادمة.
  6. قيام الأحزاب وجماعات الإسلام السياسي بفتح قنوات اتصال مع دول السعودية والإمارات لإنهاء معادلة الحلول الصفرية بين الطرفين والعمل على أرضية مشتركة قوامها مواجهة المخططات الخارجية التي تهدد الأمن القومي العربي متمثّلةً بإيران، ومشاريع التقسيم الانفصالية مدعومةً من أمريكا وإسرائيل.

[1] https://bit.ly/3uDeZbh

[2] https://bit.ly/3Rj45QL

[3] https://bit.ly/49Tua07

[4] https://bit.ly/3Gme0io

[5] https://bit.ly/3R2ECd6

[6] https://bit.ly/3Gme0io

[7] مصدر خاص للباحث

[8] https://bit.ly/3R7Dh4S

[9] https://bit.ly/3T2gny5

[10] https://bit.ly/3RubwVz

[11] https://bit.ly/49Tua07

[12] https://www.bbc.com/arabic/articles/c98dyjr0w83o

[13] https://ar.webangah.ir/2023-11-24/news=9121/

[14] https://arabic.cnn.com/amphtml/middle-east/article/2023/01/23/us-israel-largest-military-exercise

[15] https://bit.ly/47zwZBN

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى