هل يتخلى النظام السوري عن عقيدته الاشتراكية؟
#تقرير_تحليلي|
خلال الأشهر الماضية عقد النظام عدة اجتماعات لبحث تداعيات الأزمة الاقتصادية كان أخرها اجتماع بشار الأسد مع مجموعة من أساتذة الاقتصاد البعثيين يوم 31 أذار/مارس 2024، حيث تم التركيز على مناقشة الدعم وسياسات الدولة والحزب الاقتصادية، ويأتي هذا الاجتماع في الوقت الذي تفاقمت فيه الأزمة الاقتصادية في سورية ووصول 90% من السكان إلى مستويات خط الفقر مع عجز النظام على اجتراح حلول مستمدة لتخفيف العبء الاقتصادي على المواطن خصوصاً مع زيادة تكاليف المعاش في شهر رمضان والعيد كما قامت أسماء الأسد التي ترأس الأمانة السورية للتنمية يوم 3 أذار /مارس 2024 مع بداية شهر رمضان و في نفس السياق بعقد اجتماع مع ممثلي الجمعيات الإنسانية والخيرية في سورية بهدف تنسيق جهود تقديم المساعدات بين الجمعيات الخيرية والأمانة السورية للتنمية وتمرير كل المساعدات وأموال الزكاة التي توزع خلال شهر رمضان عبر الأمانة السورية .
في هذا اللقاء تناول الأسد عدداً من القضايا مثل قضية تقديم الدعم للطبقات الأكثر فقرا ومناقشة آليات تقديم الدعم، وتحدث عن عقيدة الحزب الاقتصادية وعن علاقة الحكومة بالحزب والعلاقة بين القطاع العام والخاص.
سياسة الدعم.
تحدث الأسد عن الانحياز للطبقة الفقيرة قائلاً ” في السابق كان الانحياز للفقراء موقفاً إيديولوجياً من منطلق أن الصراع الطبقي هو قضية حتمية وهذا غير صحيح ، إن تقديم الدعم للفقراء باستمرار هو مضر بالفقراء لأن الفقير ما يحتاجه كأولوية هو فرصة العمل لكي يتحول إلى الطبقة الوسطى وعدم تأمين فرصة العمل سيبقيه في حالة الفقر ، نحن منحازون للفقراء لا يعني أننا ضد الأخرين وإنما لأنه أكثر حاجة لذلك فكرة الصراع الطبقي غير صحيحة وإنما الصحيح هو المصلحة المشتركة لكل الطبقات، وسلبي من باقي الطبقات وإنما من خلال اعتبار تقديم الدعم عمل اقتصادي يساهم في تنمية الاقتصاد لكنه أشار إلى أن الإجراءات الحالية للدعم أسهمت في تفاقم الفساد، وأشار إلى أنه من المتوقع تغيير سياسة الدعم في المرحلة المقبلة، مع التأكيد على أهمية بقاء الدعم وتحديد شكله بشكل أفضل.
أكد الأسد أن نظامه ملتزم بدعم الفقراء، والطبقات الأكثر هشاشة لكن يجب تقديم الدعم لا من خلال الموقف الإيدلوجي ” الاشتراكية ” ولا من خلال الموقف الديني ” الزكاة ” وهذا غير ناجح لكن عندما نضع الدعم على أنه فعل اقتصادي هنا يكون مفيداً حتى الدول الأكثر رأسمالية تقدم الدعم وحتى حماية المنتج هو نوع من أنواع الدعم ، الدعم يجب أن يبقى، أن نناقش شكل الدعم وما هي مراحله ونحن نتحدث عن مكافحة الفساد لكن الطريقة التي نقدم من خلالها آليات الدعم هي أكثر بيئة منتجة للفساد، مبدأ الدعم اقتصادياً ضروري أن يبقى الدولة لا توفر الأموال لتخزنها في البنك دور الدولة أن تصرف المال لكن أن تصرفه في المكان الصحيح .
عقيدة الحزب الاقتصادية
تناول الأسد عقيدة حزب البعث الاقتصادية، معلنًا أنه سيظل حزبًا اشتراكيًا، ولكنه أكد على ضرورة تغيير السياسات لتعكس المبادئ الاشتراكية بشكل أفضل، حيث أكد ” أننا لسنا بصدد تغيير مصطلح الاشتراكية لكننا بصدد تغيير السياسات المتعلقة بتطبيق الاشتراكية، فبالنسبة لنا الاشتراكية هي العدالة الاجتماعية.
العلاقة بين الحكومة والحزب
وأوضح أن الخطأ كان في تبادل الأدوار بين الحزب الذي يضع السياسات ما فوق الحكومية ودور الحكومة في التنفيذ لهذه السياسات العامة لكن حالياً الوضع مقلوب الحكومة تأخذ دور الحزب والحزب يأخذ دور الحكومة وأشار إلى ضرورة تصحيح هذا الوضع، وأكد وجوب الخروج من مفهوم عدم التمييز بين الحزب ومؤسسات الدولة وبين النقابات والمنظمات الشعبية مع الدستور الجديد وهي لم تكن تابعة للحزب حتى مع وجود المادة الثامنة في الدستور.
القطاع العام والقطاع الخاص
تحدث الأسد عن القطاع العام ” لقد حملنا القطاع العام كثيراً من الأعباء فطالبناه التوظيف مع الوظيفية، لم تكن احياناً متناسبة مع الجدوى الاقتصادية، وحملناه الدعم والدعم هو من اختصاص الخزينة العامة للدولة، لا يجب أن نحمل مؤسسة ضمن قرار إنشائها مطلوب منها الربح الخسائرَ، كثير من المؤسسات في القطاع العام فشلت ليس لأنها فاشلة وإنما بسبب ما تم تحميلها ما ليس من اختصاصها، لا يمكن تقييم أداء المسؤولين عن المؤسسات إذا فرضنا عليها السياسات.
نحن بحاجة لدور القطاع العام لكن هل القطاع العام الذي يلعب دور التكامل مع القطاع الخاص أم المنافس له في كثير من الأحيان القطاع العام لعب دوراً أساسياً في تخفيض كلفة المنتج عندما دخل كمنافس وهل القطاع العام الذي نحتاجه هو بملكية كاملة للدولة أم بالشراكة، فالصين عندما أجرت تحولات اقتصادية تحولت إلى الشركات المساهمة وعندما تتحول إلى الشركات المساهمة هل يبقى اسمها قطاع عام أم شيء آخر.
التحليل
أمام تفاقم الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها الشعب السوري في مناطق سيطرة النظام وعدم قدرة النظام السوري على اجتراح الحلول الناجعة والإصرار على حل الأزمة الاقتصادية بعيداً عن المسببات السياسية للأزمة وبدون تقديم أي تنازل سياسي من شأنه أن ينعكس على دورة الاقتصاد فإن النظام يحاول المناورة وإعادة تدوير الأزمة.
ومن الواضح أن النظام يريد التحلل من أعباء الالتزام بعقيدة حزب البعث الاشتراكية من خلال إعادة تعريف الاشتراكية بأنها مجرد تحقيق العدالة الاجتماعية وتقديم نفسه للغرب بأنه قد تحول إلى الرأسمالية الاجتماعية.
هل مقصود كلام الأسد هو تغيير جذري في عقيدة النظام والتحول على النظام الرأسمالي أم الذهاب إلى تأسيس شركات خاصة هي عبارة عن واجهات للنظام تحت مسمى القطاع الخاص للإفلات من العقوبات الاقتصادية؟