الدراسات والبحوثتحليلات

تحديات عودة اللاجئين السوريين إلى الشمال الغربي لسورية

مقدمة:

كشف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال مقابلة تلفزيونية مع شبكة CNN، بثت في الـ25 من أيار/ مايو الماضي، عن خطة بناء منازل جديدة في شمالي سوريا، بدعم من “صندوق قطر للتنمية”، تهدف لإيواء مليون لاجئ سوري، مشيرًا إلى أن هناك مساكن “قد تم الانتهاء منها بالفعل، وشجّعت على عودة ما بين 450 إلى 500 ألف سوري” خلال الأشهر الماضية[1].

وسبقت تصريحات الرئيس التركي، زيارة لوزير الداخلية التركي السابق، سليمان صويلو، إلى الشمال السوري في الـ24 من أيار/ مايو الماضي، وضع خلالها حجر الأساس لمشروع بناء 240 ألف وحدة سكنية تهدف لـ “تهيئة الظروف لعودة مليون لاجئ سوري من تركيا إلى المنطقة”[2].

تفترض الورقة أن هناك سلسلة من التحديات التي تواجه عودة اللاجئين السوريين إلى الشمال الغربي لسوريا، على المستوى الأمني والعسكري والديموغرافي والاقتصادي والخدمي والسياسي، وهو ما يضع المبادرة التركية الأخيرة التي تسعى لإعادة مليون لاجئ سوري إلى المنطقة في موضع حرج، ويهدد بفشلها في حال لم يتم التعاطي جديًا مع تلك التحديات وتحقيق الاستجابة اللازمة لها.

أولًا – التحديات العسكرية/ الأمنية:

تعد التحديات الأمنية/ العسكرية، من أبرز التحديات التي تعيق عودة اللاجئين إلى مناطق الشمال الغربي لسوريا، حيث لا زالت المنطقة تعاني من غياب الاستقرار الحقيقي على المستوى الأمني والعسكري، وفيما يلي عرض لأبرز مؤشرات غياب الاستقرار الأمني والعسكري مدعومة بإحصائيات للحوادث الأمنية والعسكرية[3] في المنطقة خلال الربع الأول من العام 2023 والتي بلغت 97 حادثًا أمنيًا و286 حادثًا عسكريًا:

أ‌.       عسكريًا:

يمكن تلخيص أبرز مؤشرات عدم الاستقرار العسكري، بالقصف المتقطع للمنطقة من قبل نظام الأسد وحلفائه ومليشيا قسد، وكذلك الاشتباكات المتقطعة ومحاولات التسلسل على خطوط التماس.

وفيما يلي إحصائيات للحوادث العسكرية خلال الربع الأول من العام 2023:

  • كانون الثاني/ يناير: شهد 150 حادثًا عسكريًا منوعًا بين عمليات القصف المدفعي والصاروخي والاشتباكات ومحاولات التسلل.
  • شباط/ فبراير: شهد 76 حادثًا عسكريًا منوعًا بين عمليات القصف المدفعي والصاروخي والاشتباكات ومحاولات التسلل.
  • آذار/ مارس: شهد 60 حادثًا عسكريًا منوعًا بين عمليات القصف المدفعي والصاروخي والاشتباكات ومحاولات التسلل.

يضاف لذلك تخوف السكان المحليين من انسحاب القوات التركية، وشن نظام الأسد معارك جديدة على المنطقة، في ظل استمراره بالمطالبة بسحب القواعد التركية من المنطقة، وإخضاع كامل الأراضي السورية لسيطرته.

ب‌.  أمنيًا:

يمكن تلخيص أبرز مؤشرات عدم الاستقرار الأمني، بعمليات الخطف والاغتيال والتفجير التي تشهدها بين الحين والآخر، إضافة لحوادث إطلاق النار الداخلية، وحوادث الاقتتال البيني بين فصائل المعارضة.

وفيما يلي إحصائيات للحوادث الأمنية خلال الربع الأول من العام 2023:

  • كانون الثاني/ يناير: شهد 38 حادثًا أمنيًا منوعًا بين عمليات الاغتيال والتفجير وحوادث إطلاق النار الداخلية.
  • شباط/ فبراير: شهد 28 حادثًا أمنيًا منوعًا بين عمليات الاغتيال والتفجير وحوادث إطلاق النار الداخلية.
  • آذار/ مارس: شهد 31 حادثًا أمنيًا منوعًا بين عمليات الاغتيال والتفجير وحوادث إطلاق النار الداخلية.

يضاف لذلك تخوف السكان المحليين من نشوب اقتتالات داخلية جديدة بين فصائل المعارضة، حيث سبق وشهدت المنطقة العديد من المواجهات الداخلية كان آخرها نهاية العام 2022، بين هيئة تحرير الشام وعدد من التشكيلات المتحالفة معها من جهة، والفيلق الثالث في الجيش الوطني السوري وعدد من الفصائل المتحالفة معه من جهة أخرى والتي استمرت عدة أسابيع وتركزت في منطقة عمليات غصن الزيتون شمالي حلب.

وفيما يلي تمثيل بياني يوضح توزع الحوادث الأمنية والعسكرية في الشمال الغربي لسوريا خلال الربع الأول من العام 2023:

ثانيًا – التحديات الديموغرافية:

يمكن تلخيص أبرز التحديات الديموغرافية التي تشكل عقبة في خطة إعادة اللاجئين إلى الشمال الغربي لسوريا بالنقاط التالية:

أ‌.       الكثافة السكانية المرتفعة:

بحسب آخر البيانات الإحصائية[4] الصادرة نهاية الربع الأول من العام 2023؛ فإن المنطقة تضم حاليًا 4367800 نسمة ضمن مساحة جغرافية لا تتعدى 8% من مساحة سوريا، وهو ما يجعلها المنطقة ذات الكثافة السكانية الأعلى في سوريا، حيث يعيش فيها نحو 26% من مجمل سكان سوريا. في حين يقطن في مناطق سيطرة مليشيا قسد بحسب الإحصائيات 265400 نسمة فقط يشكلون 16% من مجمل السكان، وذلك ضمن مساحة جغرافية تمثل 25.6% من مساحة سوريا، بينما يقطن في مناطق سيطرة نظام الأسد التي تشكل نحو 63% من مساحة سوريا نحو 9654700 نسمة، ويشكلون نحو 54% من مجمل السكان.

وتشير الأرقام السابقة إلى خلل واضح بالتوزع السكاني في سوريا، وتكدس ربع السكان في أقصى الشمال الغربي، ضمن مناطق سيطرة المعارضة، التي لا تتمتع بأي موارد نفطية أو بحرية، وانخفاض الكثافة الحاد في الشمال الشرقي الذي تسيطر عليه مليشيا قسد ويتمتع بمعظم موارد سوريا من النفط والغاز والمحاصيل الزراعية، مع الإشارة في هذا السياق أن عودة مليون لاجئ جديد سيعمق من خلل التوزع السكاني، لتضم المنطقة – بحال عودة مليون لاجئ إليها – ما يقرب من ثلث سكان سوريا في مساحة لا تتجاوز الـ 8% من الأراضي السورية.

وفيما يلي تمثيل بياني يوضح الهوة بين الكثافة السكانية والمساحة الجغرافية في مناطق سيطرة المعارضة مقارنة بمناطق سيطرة مليشيا قسد ونظام الأسد:

ب‌.  المشهد الديموغرافي المعقد:

في ظل الكثافة السكانية العالية التي تشهدها المنطقة؛ فإن أكثر من نصف السكان هم من النازحين والمهجرين قسرًا من مختلف المناطق السورية. ويمثل توطينهم في المنطقة، وتوطين مزيد من اللاجئين المفترض عودتهم إليها؛ ترسيخًا لواقع التغيير الديموغرافي على أساس طائفي وسياسي خاصة وأن معظم اللاجئين المفترض عودتهم هم من العرب السنة ولا ينحدرون من تلك المناطق وإنما ينحدرون – في الغالب – من مناطق خاضعة لسيطرة نظام الأسد.

وفيما يلي تمثيل بياني يوضح نسبة عدد السكان المحليين إلى عدد السكان النازحين والمهجرين قسرًا في المنطقة:

ثالثًا – التحديات الاقتصادية:

تمثل التحديات الاقتصادية إحدى العوائق الرئيسية التي تسهم في عرقلة عودة اللاجئين إلى مناطق الشمال الغربي، ويمكن تلخيص أبرز التحديات الاقتصادية بالنقاط التالية:

أ‌.       البطالة:

بحسب الإحصائيات[5] الصادرة في نيسان/ إبريل 2023، فقد تزايدت معدلات البطالة في المنطقة بنسبة 2.3% مقارنة بشهر آذار/ مارس من العام نفسه، وبلغت بذلك 8.7% بشكل وسطي، كما تشير الإحصائيات إلى زيادة حد الفقر إلى مستويات جديدة بنسبة 1.22 % مما يرفع نسبة العائلات الواقعة تحت حد الفقر إلى 89.24 %، وهو ما يشكل عائقًا رئيسيًا لعودة اللاجئين الذين يتخوفون من عدم قدرتهم على تحصيل فرصة عمل مناسبة يتمكنون من خلالها من إعالة أسرهم، وذلك في ظل نسب البطالة المرتفعة والتي تعد الأعلى في العالم، وتتفوق على جميع الدول التي تشهد حروبًا وأزمات اقتصادية، بما فيها ليبيا واليمن والعراق ولبنان والصومال، والتي لم تتجاوز فيها نسبة البطالة في أسوء الحالات الـ32%[6].

ب‌.  التضخم:

يشكل التضخم إحدى أبرز المشكلات الاقتصادية التي تعانيها المنطقة، وذلك في ظل غياب سياسة نقدية، وسياسة مالية يمكنها التحكم في معدلات التضخم ومواجهته، وفي ظل وجود عملتين رئيسيتين متداولتين في الأسواق (الليرة التركية – الدولار الأمريكي)، والانهيار الدراماتيكي الذي تعانيه الليرة التركية، وتثبيت أسعار البضائع من معظم التجار بالدولار الأمريكي، في ظل تقاضي معظم العمال والموظفين في المنطقة رواتبهم بالليرة التركية، وارتباط المنطقة اقتصاديًا بتركيا التي تعاني هي الأخرى من زيادة كبيرة في معدلات التضخم، الأمر الذي انعكس على المنطقة، وبدا واضحًا من خلال الزيادة الدراماتيكية في الأسعار خلال السنتين الماضيتين.

 

رابعًا – التحديات الخدماتية:

على الرغم من النجاح الذي حققته المنطقة على الصعيد الخدماتي، في ظل ظروف الحرب التي تعانيها، ونجاحها باستجرار الكهرباء، وتعبيد بعض الطرقات وتقديم العديد من الخدمات المختلفة؛ فإن هناك سلسلة من التحديات على الصعيد الخدماتي تسهم في عرقلة عودة اللاجئين إلى مناطق الشمال الغربي لسوريا، ضمن مختلف القطاعات، وأبرزها:

أ‌.       القطاع الصحي:

بحسب الإحصائيات[7] الصادرة مطلع العام 2023؛ يعاني القطاع الصحي شمال غربي سوريا من شح في الأدوية والمعدات الطبية، وعجز في البنية التحتية والطاقة الاستيعابية، وهو ما تسبب بزيادة انتشار الأمراض المختلفة في المنطقة، حيث سجلت عدد من مخيمات النازحين في أرياف حلب وإدلب شمال غربي سوريا، انتشارًا كبيرًا لعدد من الأمراض الجلدية، مسجلة حالات مختلفة في أكثر من 478 مخيم، وهو ما يعادل 29% من إجمالي المخيمات. كما تشير الإحصائيات إلى أن أكثر من 84% من المخيمات تعاني من انعدام العيادات المتنقلة والنقاط الطبية.

كما شكل الاكتظاظ السكاني الكبير ضمن تجمعات المخيمات، ضغطًا على القطاع الصحي نتيجة سهولة انتشار العدوى والأمراض، وكذلك انتشار “الصرف الصحي المكشوف” ضمن مخيمات النازحين،  في حين تبلغ نسبة المخيمات المخدمة بالصرف الصحي 37% فقط من إجمالي المخيمات، ويضاف لذلك غياب المياه النظيفة والصالحة للشرب عن  47 % من مخيمات النازحين، حيث وصلت أعداد المخيمات الغير مخدمة بالمياه أكثر من 658 مخيماً بحسب الإحصائيات[8] وهو ما أسهم في زيادة أزمة القطاع الصحي.

كما عمق زلزال شباط/ فبراير 2023 والذي ضرب أجزاء واسعة من المنطقة، معاناة القطاع الصحي، حيث أعلن فريق منسقو استجابة سوريا تسجيل أضرار ضمن 73 من منشآت القطاع الصحي تراوحت بين أضرار جزئية ومتوسطة جراء الزلزال[9]، وسط تصاعد المناشدات التي أطلقها عاملون ومسؤولون في القطاع الصحي لتقديم الدعم اللازم للقطاع.

يضاف لذلك توقف الدعم عن بعض المشافي والمراكز الصحية مطلع العام الجاري، حيث أشارت تقارير[10] إلى انقطاع الدعم عن 18 منشأة طبية تقدم خدمات لأكثر من مليون ونصف مليون شخص يقيمون في المنطقة، محذرة من أن “توقف الدعم الدولي وما نتج عنه من زيادة الضغط على باقي المنشآت، قد يتسبب في عواقب كارثية”.

ب‌.  القطاع التعليمي:

بحسب الإحصائيات[11] الصادرة مطلع العام 2023، يعاني أكثر من 2.1 مليون طفل في سوريا من التسرب التعليمي، بينهم أكثر من 318 ألف طفل في شمال غربي سوريا و78 ألف داخل المخيمات، في حين دمرت هجمات النظام السوري وروسيا مئات المدارس وأخرجتها عن الخدمة، حيث بلغ عدد المدارس المدمرة في سوريا أكثر من 800 مدرسة بينها 170 منشأة تعليمية في شمال غربي سوريا خلال السنوات الثلاثة الأخيرة.

وتعاني أكثر من 95 مدرسة في شمال غرب سوريا من الاستخدام خارج نطاق العملية التعليمية وإشغال تلك المدارس في مهمات غير مخصصة لها، أما في مخيمات النازحين التي تضم أكثر من 1.8 مليون نازح، يوجد أكثر من 67% من تلك المخيمات (988 مخيم) لا تحوي نقاط تعليمية أو مدارس، وهو ما يوضح حجم الأزمة التي يعانيها القطاع التعليمي، وذلك في ظل انقطاع الدعم عن أكثر من 35% من المدارس في المنطقة بحسب الإحصائيات[12].

كما يعاني التعليم الجامعي العديد من العقبات أبرزها حالة عدم الاعتراف بالشهادات الجامعية الصادرة عن مؤسسات التعليم العالي الموجودة في المنطقة.

كما عمق الزلزال من المشاكل التي يعانيها القطاع التعليمي بما يتعلق بالبنية التحتية حيث تضررت 433 مدرسة من الزلزال الذي ضرب المنطقة في شباط/ فبراير الماضي[13].

 

ت‌.  القطاع السكني:

تعاني المنطقة من أزمة واضحة في القطاع السكني، وذلك نتيجة الكثافة السكانية العالية التي أشارت لها الورقة في فقرات سابقة، ونتيجة لضعف الحركة العمرانية – نسبيًا – لأسباب مختلفة، وهو ما انعكس على أسعار إيجارات المنازل ضمن المدن الرئيسية، والتي وصلت في بعض الأحيان لأكثر من 200 دولار أمريكي للمنزل المكون من 3 غرف، الأمر الذي دفع العديد من الأسر لتفضيل السكن بالمخيمات ضمن ظروف إنسانية سيئة على استئجار المنازل، مع الإشارة في هذا السياق إلى أن زلزال شباط/ فبراير أسهم في تعزيز أزمة القطاع السكني حيث قال تقرير لفريق منسقو استجابة سوريا إن إجمالي الوحدات السكنية والمنشآت المتضررة – ما بين أضرار جسيمة ومتوسطة وجزئية – نحو 47 ألفاً، بينهم 2171 مبنى هُدم مباشرة[14]، فضلًا عن الأبنية المدمرة نتيجة قصف النظام السوري وحلفائه. وهو ما مثل أحد أبرز العوائق التي تعترض عودة اللاجئين للمنطقة، وجعل من مشاريع بناء الوحدات السكنية محور “خطة إعادة مليون لاجئ” إلى المنطقة التي تحتاج بالأساس لمثل هذه المشاريع لحل الأزمة السكنية التي تعانيها عقب زلزال شباط/ فبراير، وقبله نتيجة الكثافة السكانية العالية فيها.

 

خامسًا – التحديات السياسية:

يضاف للتحديات السابقة، سلسلة من التحديات السياسية التي تواجهها المنطقة وتسهم في عرقلة جهود إعادة اللاجئين إليها، ويمكن تلخيص أبرز تلك التحديات بالنقاط التالية:

أ‌.       حالة الانقسام السياسي:

يعاني الشمال الغربي لسوريا من استقطاب سياسي وعسكري حاد، حيث تدير المنطقة حكومتان، الأولى تتمثل بالحكومة السورية المؤقتة والتي تدير مناطق سيطرة الجيش الوطني في منطقة عمليات غصن الزيتون ودرع الفرات ونبع السلام، والثانية تتمثل بحكومة الإنقاذ التي تدير مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام في إدلب ومحيطها، وسط مساعي الأخيرة لتمديد نفوذها لمناطق سيطرة الجيش الوطني، وتوسيع المناطق الخاضعة لإدارة حكومة الإنقاذ المرتبطة بها، الأمر الذي يترافق مع تبادل المهاترات السياسية والإعلامية بين قيادة الطرفين، ويعقد من تقديم الخدمات لسكان المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومتين، ويعقد أيضًا من مهام ضبط الأمن فيها، ويسهم في تراجع الاستقرار السياسي الذي من شأنه تشجيع اللاجئين على العودة إلى المنطقة.

ب‌.  عدم التوصل إلى حل سياسي شامل:

لازال غياب الحل السياسي الشامل للملف السوري، يمثل العائق الأبرز لعودة اللاجئين إلى مناطق الشمال الغربي لسوريا، ولكامل الجغرافية السورية، وذلك في ظل المخاوف الأمنية للاجئين والمخاوف من عودة التصعيد العسكري بين الأطراف المختلفة، وفي ظل استمرار الانهيار الاقتصادي الذي تعانيه البلاد أيضًا، وغياب حالة الاستقرار بمختلف أشكالها العسكرية والسياسية والاقتصادية والأمنية والتي لا يمكن الوصول إليها فعليًا دون حل سياسي شامل وفق القرارات الدولية بما فيها قرار مجلس الأمن 2254.

خاتمة:

تواجه مشاريع إعادة اللاجئين السوريين إلى الشمال الغربي لسوريا، العديد من التحديات على مختلف المستويات، تهدد إمكانية نجاح تلك المشاريع والمبادرات، وتعد التحديات الأمنية/ العسكرية، من أبرز التحديات التي تعيق عودة اللاجئين إلى مناطق الشمال الغربي لسوريا، حيث شهدت المنطقة خلال الربع الأول من العام 2023؛ 97 حادثًا أمنيًا منوعا بين عمليات الاغتيال والتفجير وحوادث إطلاق النار الداخلية والاقتتالات البينية، و286 حادثًا عسكريًا منوعا بين عمليات القصف المدفعي والصاروخي والاشتباكات ومحاولات التسلل على خطوط التماس.

كما تعاني مشاريع إعادة اللاجئين للمنطقة، تحديات ديموغرافية أبرزها ارتفاع الكثافة السكانية في المنطقة واحتمالية أن تعزيز مشاريع إعادة اللاجئين واقع التغيير الديموغرافي فيها، فبحسب آخر الإحصائيات الصادرة في نهاية الربع الأول من العام 2023 فإن المنطقة تضم حاليًا 4367800 نسمة، 60% منهم من النازحين والمهجرين قسريًا، ضمن مساحة جغرافية لا تتعدى 8% من مساحة سوريا، وهو ما يجعلها المنطقة ذات الكثافة السكانية الأعلى في سوريا، حيث يعيش فيها نحو 26% من مجمل سكان سوريا.

يضاف لذلك سلسلة من التحديات على المستوى الخدماتي، حيث يعاني القطاع الصحي شمال غربي سوريا من شح في الأدوية والمعدات الطبية، وعجز في البنية التحتية والطاقة الاستيعابية، في حين يعاني القطاع التعليمي من العديد من المشكلات أيضًا أبرزها قلة المنشآت التعليمية النشطة، إذ دمرت هجمات النظام السوري وروسيا أكثر من 800 مدرسة بينها 170 منشأة تعليمية في الشمال الغربي، خلال السنوات الثلاثة الأخيرة. في حين تعاني أكثر من 95 مدرسة في المنطقة من الاستخدام خارج نطاق العملية التعليمية، كما تعاني المنطقة من أزمة واضحة في القطاع السكني، وذلك نتيجة الكثافة السكانية العالية من جهة، ونتيجة ضعف الحركة العمرانية – نسبيًا – لأسباب مختلفة من جهة أخرى، في الوقت الذي أسهم زلزال شباط/ فبراير في تعزيز أزمة القطاع السكني حيث وصل إجمالي الوحدات السكنية والمنشآت المتضررة من الزلزال لنحو 47 ألفاً.

ويضاف للتحديات السابقة، سلسلة من التحديات السياسية التي تواجهها المنطقة، وأبرزها حالة الانقسام السياسي الحاد بين الحكومة السورية المؤقتة وحكومة الإنقاذ، والتي تعقد عملية تقديم الخدمات في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومتين، وتعقد من مهام ضبط الأمن فيها، وتسهم في تراجع الاستقرار السياسي الذي من شأنه تحفيز اللاجئين للعودة للمنطقة. في حين يشكل فشل المجتمع الدولي بدفع الأطراف المحلية للوصول إلى حل سياسي شامل من شأنه طمأنة العائدين إلى المنطقة؛ أحد أبرز عوائق عودة اللاجئين إلى مناطق الشمال الغربي، وإلى مختلف مناطق الجغرافية السورية، وذلك في ظل غياب الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي والذي لا يمكن الوصول إليه فعليًا دون حل سياسي شامل وفق القرارات الدولية بما فيها قرار مجلس الأمن 2254.

إعداد الباحث: ماهر عبد الهادي

 

[1] Cumhurbaşkanlığı resmi internet sitesi, Cumhurbaşkanı Erdoğan, CNN Türk-Kanal D ortak yayınına katıldı

[2] Anadolu ajansı, Cerablus’ta geri dönüş projesi temel atma töreni düzenlendi

[3] ينظر:
مركز نما للأبحاث المعاصرة، أنفوغراف الواقع العسكري لشهر آذار في سورية

مركز نما للأبحاث المعاصرة، أنفوغراف الواقع الأمني لشهر آذار في سورية

[4] ينظر:

مركز جسور للدراسات، خريطة توزع السوريين خارج وداخل سوريا

مركز جسور للدراسات، خريطة السيطرة العسكرية في سورية نهاية 2022 وبداية 2023​

[5] فريق منسقو استجابة سوريا، مؤشرات الحدود الاقتصادية للسكان المدنيين في الشمال السوري خلال شهر آذار، صفحة التيلغرام

[6] موقع تريندينغ أكونوميس، معدل البطالة – قائمة البلدان

[7] فريق منسقو استجابة سوريا، إحصائيات حول انتشار الأمراض في مخيمات الشمال الغربي لسوريا

[8] المصدر السابق.

[9] محمد كركص، العربي الجديد، “منسقو الاستجابة” يصدر تقريراً نهائياً لأضرار الزلزال شمال غرب سورية

[10] ريان محمد، العربي الجديد، وقف دعم مستشفيات شمال سورية

[11] فريق منسقو استجابة سوريا، في اليوم الدولي للتعليم لازالت الصعوبات والتحديات هائلة تواجه القطاع التعليمي في شمال غربي سوريا

[12] المصدر السابق.

[13] محمد كركص، مصدر سابق.

[14] محمد كركص، مصدر سابق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى