أستانا 20 نهاية المسار العسكري وبداية البحث عن مسارات لتقاسم المصالح
22حزيران/يونيو 2023
أعلن نائب وزير خارجية كازاخستان، كانات توميش، يوم الأربعاء12حزيران يونيو 2023 ، أن الاجتماع الدولي الـ20 حول سورية، والذي يعقد في عاصمة كازاخستان، سيكون الأخير في إطار صيغة أستانا.
وقال توميش في الجلسة العامة: “قررنا الإعلان رسميا عن الاجتماع الدولي الـ20 حول سورية باعتباره آخر اجتماع ضمن صيغة أستانا، واقترحنا إدراج هذا القرار في البيان المشترك”.
بهذا الإعلان يكون مسار أستانا قد حقق المطلوب منه في تثبيت التفاهمات العسكرية التي أبرمت بين الدول الضامنة طول 6 سنوات ماضية من كانون الثاني /يناير 2017 حتى شهر حزيران /يونيو 2023 ، و يكون المسار قد رسم خارطة السيطرة للقوى المحلية والإقليمية والدولية وحقق تجميداً للصراع كمقدمة لفتح مسارات جديدة تتناول قضايا جزئية تتعلق بعودة اللاجئيين والتعافي المبكر وإعادة الإعمار وتحسين الوضع الإنساني بطريقة لا تخرج تماماُ عن مضمون القرارات الدولية 2254 وبيان جينيف وعمل اللجنة الدستورية في رسم ملامح الحل السياسي النهائي .
بالنسبة لتركيا :
فإن إنهاء مسار أستانا بعد جولته العشرين يعني منعا لأي تغيير في خارطة السيطرة العسكرية بين النظام والمعارضة “مناطق النفوذ التركي” إلا ضمن حل سياسي يضمن العودة الطوعية للاجئين وينهي خطر الإرهاب كعنوان وضمان المصالح التركية العميقة كمضمون وهو ما يعني التأسيس لمسار جديد بشروط السقف التركي المرتفع بعد الانتخابات وفتح مسار للتفاهم مع الولايات المتحدة في شرق الفرات ينتهي بتعديل بنية قسد كشرط للانفتاح عليها مع ضمان المصالح التركية في الجزيرة السورية .
وفي هذه الفترة التي تلي مرحلة مسار أستانا تحتاج تركيا إلى مسار جديد لإقامة مشاريع الإسكان في الشمال السوري وتحسين الوضع الاقتصادي والأمني لتهيئة الظروف المناسبة لتحقيق العودة الطوعية والآمنة لشريحة من اللاجئين السوريين إلى الشمال المحرر كحل جزئي لمشكلة اللاجئين لا يتعارض مع الحلول النهائية وذلك من خلال استجرار الدعم القطري والخليجي لهذا المشروع بموافقة روسيا وإيران .
بالنسبة لإيران :
لم يكن مسار أستانا مرضياً لإيران حيث كانت الدول الفاعلة فيه هي روسيا وتركيا وكانت إيران تأخذ دور المطلع فقط وربما يأتي إنهاء المسار لصالح إيران بعد أن ضمنت نفوذها في سورية من خلال الاتفاقيات الاقتصادية التي أبرمتها مع النظام في مد السكك الحديدية والاتصالات والتحويلات المالية ومد الخط التجاري من طهران إلى البحر المتوسط عبر العراق، وبالتالي تحاول إيران قيادة مسارين جديدين .
الأول : مسار التطبيع بين النظام وتركيا وفق شروط ضمان النفوذ الإيراني وتمرير المصالح التركية في سورية من خلال بوابة النفوذ الإيراني، مقابل انسحاب تركيا من الشمال السوري تماماً.
الثاني: مسار التطبيع بين النظام السوري والدول العربية والخليج لتأمين وارد مالي قادر على مساعدة النظام بالتماسك وحل أزمته المالية من خلال مفاوضة هذه الدول على العديد من الملفات الأمنية التي تتعلق بعودة اللاجئين وملف المخدرات .
بالنسبة لروسيا :
ضمنت روسيا مصالحها في سورية عبر اتفاقيات طويلة الأمد تتعلق بالتنقيب عن الغاز السوري في المتوسط والسيطرة على الموانئ السورية وبذلك ضمنت روسيا إمكانية تعطيل أي مشروع للطاقة في سورية يمكن أن يؤثر على مصالحها في بلد مرشح ليكون بلد انتاج ومرور وتجميع للغاز ومحاولة العمل على مسارين الأول مسار اجتماعي بين مناطق النفوذ المختلفة لتحقيق مصالحة وطنية بين النظام والمجتمعات المحلية المعارضة للنظام، ومسار اقتصادي من خلال مؤتمرات التمويل واستجرار رأس المال السوري في الخارج إلى الداخل السوري بحماية روسية.
تبقى هذه المسارات كلها مرتبطة نجاحا وفشلاً بمدى الرضى الأمريكي عنها خصوصاً مع المؤشرات الواضحة على عودة الحراك العسكري والأمني للولايات المتحدة في سورية وتفعيل عدد من التحركات القانونية ضد النظام وخنقه بالعقوبات التي تحد من تأثير تحركات بعض الدول الراغبة بتقديم المساعدات الاقتصادية للنظام، كما يبدو أن تداعيات الصراع في أوكرانيا والتطبيع العربي مع إيران ونتائج الانتخابات التركية والتحركات الأمريكية في المنطقة ستسهم في خلق محاور إقليمية ودولية جديدة لها انعكاساتها المباشرة على الملف السوري كأحد أهم ساحات الصراع الإقليمية.