هل يدفع مقتل باسكال سليمان لبنان إلى حرب طائفية؟
تقرير تحليلي
في 7 نيسان /إبريل 2024 خطف مجهولون المنسق في جبيل شمال شرقي العاصمة بيروت لـ “حزب القوات اللبناني” باسكال سليمان، وأعلن الجيش اللبناني مساء يوم 8 نيسان /إبريل 2024، أن خاطفيه من الجنسية السورية قتلوه أثناء محاولتهم “سرقة سيارته” في منطقة جبيل، وأنهم نقلوا جثته إلى سورية. وعُثر على الجثة في الأراضي السورية في منطقة القصير في ريف حمص على الحدود السورية اللبنانية حيث يسيطر على المنطقة حزب الله اللبناني، بينما أكدت الدائرة الإعلاميّة في حزب “القوات اللبنانية ” أنّ التحقيق في جريمة قتل الشهيد باسكال سليمان يجب أن يكون واضحاً وشفافاً وعلنيّاً وصريحاً ودقيقاً بوقائعه وحيثيّاته، وحتى صدور نتائج هذا التحقيق نعد أنّ باسكال سليمان تعرّض لعملية اغتيال سياسيّة.
بعد يومين من تسريب خبر مقتل “باسكال” تم العثور يوم 10 نيسان/إبريل 2024 جثة “محمد سرور” 57 عاماً من الطائفة الشيعية مقولاً في قرية ” بيت مري في لبنان وهي قرية تسكنها الطائفة المسيحية وهي حاضنة لحزب القوات بعد إصابته بخمس رصاصات.
وكانت الحكومة الأمريكية قد فرضت في عام 2019 عقوبات على سرور لتحويله عشرات الملايين من الدولارات من الحرس الثوري الإيراني إلى كتائب عز الدين القسام التابعة لحماس.
كما كان سرور على اتصال دائم مع حزب الله.، حيث كان سرور مسؤولاً عن توصيل التحويلات المالية من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى الجناح العسكري لحماس.
وكانت المعلومات الاولية تناولت أن القتل تم بدافع السرقة ولاحقا تم تسريب تعرضه لتعذيب شديد قبل اغتياله حيث تم نقله إلى شقة مفروشة في ” بيت مري ” شمال بيروت حيث تم هناك استجوابه بعنف شديد و تعرض إلى تحقيق وهو مكبل اليدين مع إطلاق الرصاص من قدميه إلى كتفيه أثناء التحقيق حيث تلقى أكثر من 10 رصاصات وبالرغم من الحديث عن دوافع السرقة وراء الخطف والقتل لكن الخاطفين أبقوا معه التحويلة المالية التي كانت بحوزته بعد مقتله مما يستبعد معه نفي دوافع السرقة عن عملية الخطف والقتل والبحث عن أسباب سياسية .
التحليل
يمكن أن نذكر عدة نقاط في سياق التحليل :
• إن باسكال سليمان مرتبط تنظيمياً بحزب القوات اللبنانية وكذلك محمد سرور مرتبط مالياً بحزب الله والميليشيات الإيرانية في المنطقة وهو ما يعني انه ثمة ارتباطاً سببياً بين الجريمتين لكن يبقى الإشكال الأساسي في تحديد أي الجريمتين كانت الفعل وأيهما كانت رد الفعل وما هي الأهداف السياسية وراء جريمة قتل باسكال سليمان.
• إن ادعاء وجود دوافع للسرقة في كلا العمليتين غير وارد ولا تسعفه القرائن والأدلة حيث لم يقم الخاطفون بسرقة سيارة باسكال سليمان ولم يطالبوا أهله بفدية وكذلك من قاموا بعملية خطف وقتل محمد سرور لم يسرقوا حتى الحوالات المالية التي بحوزته مما ينفي تماًماً السرقة.
• إن مسرح الجريمة له دلالة كبيرة على أنه ثمة دوافع سياسية وامنية وراء عملية الاغتيال حيث تم قتل باسكال سليمان في منطقة القصير قرية أبو حوري على الحدود السورية اللبنانية وتمرير الجثة من حواجز امنية يسيطر عليها حزب الله اللبناني وفي منطقة عسكرية ينتشر فيه الحزب يؤكد أن رمي التهمة على السوريين هو مجرد اتهام تضليلي وانه ثمة مؤشرات واضحة على ضلوع حزب الله بالجريمة وأن رمي التهمة على عصابة سورية القصد منه تأجيج الشحن العنصري من قبل حزب الله اللبناني والجناح المسيحي المتحالف مع الحزب ضد اللاجئين السوريين.
• أما الحكومة والجيش اللبناني و أمام عجزهما عن ضبط سلاح حزب الله وعجزهما عن ضبط الأمن تحاول التماهي مع فرضية ان الجريمة مجرد حدث جنائي من طرف غير لبناني وبدوافع السرقة لتجنب مواجهة الحقيقة والانزلاق إلى بداية حرب أهلية .
• إن إعلان مقتل باسكال يوم 8 نيسان /إبريل ثم الإعلان عن مقتل محمد سرور يوم 10 نيسان /إبريل يدل بشكل واضح ان قتل الثاني كان رد فعل مباشر على مقتل الأول، حتى لو كان سرور قد خطف قبل باسكال.
أخيراً هل ما حصل هو محاولة من حزب الله اللبناني للدفع بلبنان إلى منزلق الحرب الأهلية وتفجير الصراع مع اللاجئين السوريين للهروب من الضغوط الإسرائيلية التي تشترط على الحزب الانسحاب إلى شمال نهر الليطاني وتسليم سلاحه للجيش للعدول عن العملية العسكرية الإسرائيلية ضد الحزب.
أم أن لبنان تحول إلى ساحة مواجهة أمنية بالوكالة بين إيران وإسرائيل ؟