في ظلّ تقليص القوات الأمريكية في سورية، هل يكرّر ترامب أخطاء الانسحاب من الشرق الأوسط؟

كاميرون ماكميلان | برادلي بومان
بريكينغ ديفنس
٢٨ نيسان ٢٠٢٥
أعلنت إدارة ترامب في ١٨ نيسان عن “تعزيز القوات الأمريكية في سورية”، حيث تُنشر القوات الأمريكية لضمان هزيمة داعش الدائمة.
في حين أن تفاصيل البنتاغون محدودة، فإن إعلان وزارة الدفاع يوضح أن “تعزيز” القوات في “مواقع مختارة في سورية” هو أيضًا خفض للقوات الأمريكية إلى أقل من ألف جندي “في الأشهر المقبلة”. كشف البنتاغون في كانون الأول أن حوالي ٢٠٠٠ جندي أمريكي كانوا متمركزين في سورية في ذلك الوقت، وهي زيادة عن آخر إحصاء معلن للقوات بلغ حوالي ٩٠٠ جندي قبل موجة الهجمات على القوات الأمريكية من قبل وكلاء إيران في العراق وسورية عقب هجوم حماس الإرهابي على إسرائيل في ٧تشرين الأول ٢٠٢٤.
وعلى الرغم من أن وزارة الدفاع وعدت بمواصلة الضربات ضد داعش ومواصلة الضغط على الجماعة الإرهابية، إلا أن خفض القوات يتعارض مع تحذيرات خبراء الجيش والاستخبارات الأمريكيين. كما أنه يُنذر بتكرار إخفاقات الإدارات الرئاسية الأمريكية السابقة.
في الواقع، يُظهر تقييم موضوعي للوضع في سورية أن التخفيض المفرط أو السابق لأوانه للقوات الأمريكية قد يُحفّز عودةً مُكلفةً لداعش. وهذا بدوره قد يُجبر الجيش الأمريكي على العودة إلى سورية لاحقًا بتكلفة أكبر لمواجهة تهديد داعشي أسوأ كان من الممكن تفاديه، مما يُعرّض مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط للخطر، ويُقوّض الجهود المبذولة لإعطاء الأولوية للتهديد الصيني.
ووفقًا لصحيفة نيويورك تايمز، فقد بدأت بالفعل عملية تخفيض القوات، حيث من المقرر إغلاق ثلاث من القواعد العسكرية الأمريكية الثماني في سورية، بما في ذلك موقعا دعم المهمات “القرية الخضراء” و”الفرات”، الواقعان في شمال شرق البلاد. تُمكّن هذه القواعد الاستراتيجية الواقعة بالقرب من الحدود السورية العراقية القوات الأمريكية من دعم الشركاء المحليين الذين يُحاربون داعش في منطقة نهر الفرات.
ولتبرير القرار، أشارت وزارة الدفاع إلى “النجاح” الذي حققته الولايات المتحدة في محاربة المنظمة الإرهابية على مدى العقد الماضي، بما في ذلك الهزيمة الإقليمية لخلافة داعش في عام ٢٠١٩ وحقيقة أن “جاذبية داعش وقدراتها العملياتية إقليميًا وعالميًا” قد تدهورت بشكل خطير.
لكن هذا يتعارض مع التقييمات الأخيرة للقيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) ومجتمع الاستخبارات الأمريكي، والتي حذّرت من أن داعش لا يزال يُشكّل تهديدًا. في حين أن خلافة داعش قد هُزمت إقليميًا بالفعل، فإن التنظيم الإرهابي نفسه لم يُهزم، والانسحاب المبكر للقوات الأمريكية يُهدد بعودة داعش.
في تقييم برنامج التهديدات العالمية الصادر في آذار ٢٠٢٥، أوضح مجتمع الاستخبارات الأمريكي أن داعش لا يزال “أكبر منظمة إرهابية إسلامية في العالم” على الرغم من مواجهته “نكسات كبيرة”. كما ذكر التقييم أن داعش “سعى إلى اكتساب زخم من خلال هجمات بارزة”، وأشار إلى العديد من الهجمات الإرهابية المرتبطة بداعش خلال العام الماضي في المنطقة وخارجها، بما في ذلك هجوم يوم رأس السنة في نيو أورلينز، الذي أودى بحياة ١٤ شخصًا وكان “متأثرًا بدعاية داعش”.
كما دقّ الجيش الأمريكي ناقوس الخطر بشأن احتمال عودة داعش. في تموز ٢٠٢٤، أعلنت القيادة المركزية الأمريكية أن تنظيم داعش في طريقه لمضاعفة عدد هجماته في العراق وسورية مقارنة بالعام السابق، وهو ما اعتبرته القيادة المركزية في ذلك الوقت مؤشرا على أن “تنظيم داعش يحاول إعادة تشكيل نفسه”.
حذّر قائد القيادة المركزية الأمريكية، الجنرال إريك كوريلا، المشرعين العام الماضي من أن “عودة داعش لا تزال تُشكّل تهديدًا”، وأن “داعش سيستعيد قدرته على الاستيلاء على الأراضي في غضون عامين” إذا نجحت إيران وروسيا في تحقيق هدفهما المتمثل في طرد التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة من سورية والعراق.
كما حذّر كوريلا من خطر آلاف مقاتلي داعش المحتجزين في معسكرات اعتقال في سورية، تحرسها قوات سورية الديمقراطية (SDF) المدعومة من الولايات المتحدة، والتي تعتمد على دعم القوات الأمريكية في البلاد. كانون الثاني، صرّحت القيادة المركزية الأمريكية أن هؤلاء السجناء البالغ عددهم ٩٠٠٠ سجين من داعش، وعشرات الآلاف من النازحين، وكثير منهم على صلة بداعش، في مخيمات اللاجئين في سورية، “يُشكّلون خطرًا على جيل جديد من داعش”. وقد أوضح إعلان البنتاغون أن هؤلاء المعتقلين لا يزالون مصدر قلق.
من المؤكد أن الوضع في سورية قد تغيّر بشكل كبير بعد سقوط نظام الأسد، وقد يحتاج الموقف العسكري الأمريكي في سورية إلى تعديل ليعكس هذا الواقع. لكن لا ينبغي لنا تجاهل هذه التحذيرات، ومحاولة داعش استغلال حالة عدم الاستقرار وعدم اليقين الحالية في سورية لتعزيز قدرتها على شن هجمات.
هذا التناقض بين خطة إدارة ترامب في سورية والتحذيرات الأخيرة الصادرة عن القادة العسكريين الأمريكيين وخبراء الاستخبارات يتطلب إشرافًا من الكونغرس.
فيما يلي بعض الأسئلة التي قد يرغب أعضاء الكونغرس وموظفوهم في طرحها: هل لم يعد لدى القادة العسكريين الأمريكيين وخبراء الاستخبارات المخاوف التي أعربوا عنها قبل بضعة أشهر فقط، أم أن هذه المخاوف قد كُممت ببساطة دعماً لانسحاب ذي دوافع سياسية؟
ما هي القوة الحالية لتنظيم داعش في سورية، وما هي طموحات الجماعة الإرهابية وخططها وأنشطتها؟ كيف يؤثر النظام الجديد في دمشق على هذه المتغيرات المتعلقة بداعش؟
ما مدى أمان مراكز احتجاز داعش؟ كيف لا تزال قوات سورية الديمقراطية تعتمد على الجيش الأمريكي في الدعم؟ ما هي العواقب المترتبة على تقليص هذا الدعم أو إيقافه؟
ما هو تأثير الانسحابات العسكرية الأمريكية على الوجود العسكري التركي في سورية، وكيف يمكن أن يضر ذلك بمصالح الولايات المتحدة وجهود قوات سورية الديمقراطية في مواجهة إرهابيي داعش واحتجاز الآلاف منهم؟
في حين أن التقييمات والتعديلات الدورية في وضع القوات أمرٌ حكيم وضروري، خاصة بعد التطورات الدراماتيكية، إلا أن هذه التعديلات يجب أن تستند إلى نصائح القادة العسكريين والظروف الفعلية على الأرض. الانسحابات القائمة على اعتبارات سياسية محلية وجداول زمنية عشوائية تُنذر بكارثة، وتُخاطر بتكرار أخطاء الانسحابات السابقة من العراق وأفغانستان.
في إعلانها، أكدت إدارة ترامب أن “تعزيز” القوات الأمريكية في سورية “عملية قائمة على الظروف”. سيُظهر الزمن صحة ذلك. إذا كرر ترامب أخطاء الماضي بإجراء انسحابات قائمة على جدول زمني، متجاهلاً الظروف على الأرض، فلن ينتهي الأمر بخير.
http://breakingdefense.com/2025/04/amid-syria-troop-reduction-will-trump-repeat-middle-east-withdrawal-mistakes/