سورية أمام لحظة فارقة السيادة والاقتصاد لبناء المستقبل
مقال رأي
الكاتب: عبد الله عادل
مقدمة
في هذه اللحظة المصيرية من تاريخنا، يقف الشعب السوري أمام تحديات غير مسبوقة تجمع بين الأزمات الداخلية والتدخلات الخارجية في عالم تتشابك فيه المصالح الدولية وتُعاد فيه صياغة الخرائط السياسية والاقتصادية. إن الدول الخارجة من أزمات كبرى تكون غالبًا مسرحًا مفتوحًا للصفقات المشبوهة والتدخلات التي تُعيد ترتيب أولوياتها لصالح الآخرين. اليوم، إذا لم ندرك كيف نعيد بناء دولتنا على أسس من السيادة والاستقلال الاقتصادي، فإننا نخاطر بتحويل أزمتنا الحالية إلى حالة دائمة.
السيادة أولًا: حكومة قوية وقرار مستقل
في ظل واقعنا المعقد، فإن تشكيل حكومة مُحصّنة ومستقلة يُمثّل خطوة شجاعة لاستعادة القرار الوطني. قد يُنظر إلى تصنيفها ضمن قوائم الحظر الدولي كعقبة، لكنه في الحقيقة تكتيك سيادي يُعيد ترتيب قواعد اللعبة السياسية:
- حكومة خارج التلاعب الدولي: التعامل معها يُصبح مُكلفًا ومعقدًا لأي قوة خارجية تسعى لفرض أجنداتها.
- إلغاء العقود الجائرة: تُتيح هذه الحكومة إلغاء الاتفاقيات غير العادلة التي ورّط النظام السابق فيها البلاد، خاصة مع الدول الطامعة كإيران وروسيا، والتي استنزفت مواردنا تحت غطاء التعاون الاقتصادي والسياسي.
- شرعية داخلية لا خارجية: حكومة تعتمد على تأييد الشعب لا على اعترافات مشروطة من الخارج، فتُظهر قوة القرار الوطني المستقل وتفتح الباب لمرحلة جديدة.
اقتصاد مستقل: أساس النمو وبناء الدولة
السيادة السياسية وحدها لا تكفي؛ فالاقتصاد هو عماد القوة والاستقلال. من هنا، لا بد من بناء اقتصاد منفصل عن السلطة السياسية، تحصينًا له من العقوبات واستغلاله كرافعة لإعادة إعمار سوريا:
- تحييد الاقتصاد عن العقوبات الدولية:
بفصل الاقتصاد عن أي حكومة مصنّفة، يُصبح الاقتصاد السوري بعيدًا عن شبح العقوبات المفروضة على السلطة السياسية، ما يفتح المجال للاستثمار والشراكات الاقتصادية بحرية. - تمكين القطاع الخاص:
من خلال منح القطاع الخاص المحلي والدولي دورًا رياديًا وشفافًا، يتحقق النمو الاقتصادي بعيدًا عن التدخلات السياسية. - إعادة بناء الثقة:
مع تهيئة بيئة اقتصادية مستقرة وجاذبة، ستعود الكفاءات السورية من الخارج للمساهمة في بناء الوطن، وستُستقطب رؤوس الأموال للاستثمار في مشاريع تعيد عجلة الإنتاج وتوفر فرص العمل.
السيادة الاقتصادية والسياسية: تكامل القوة
إن الجمع بين السيادة السياسية والاقتصادية يُحوّل التحديات إلى فرص:
- سياسيًا: حكومة مستقلة قادرة على إلغاء العقود التي كبّلت مستقبلنا وإثبات أن سوريا ليست للبيع أو المساومة.
- اقتصاديًا: اقتصاد مرن يقوده القطاع الخاص بحصانة من التدخلات والعقوبات، فيعيد بناء البلاد وفق مصالح الشعب.
نحو مستقبل نصنعه بإرادتنا
إن هذا الطريق ليس مجرد مخرج من أزمة، بل هو رؤية وطنية تُعيد صياغة سوريا على النحو الذي تستحقه:
- سيادة بلا مساومة.
- اقتصاد يخدم الشعب لا النخب.
- شرعية تُبنى في الداخل لا تُستجدى من الخارج.
الخاتمة والنتائج
في مثل هذه اللحظات التاريخية، لا مكان لحلول مفروضة من وراء الحدود. قوتنا الحقيقية تكمن في قرارنا الوطني المستقل وفي قدرتنا على الاستغناء عن المساومات. إن سوريا لن تكون ورقة في يد أحد، ولن ترضى أن تكون أسيرة لأحد.
بإرادتنا الحرة، سنلغي ما استُغل، وسنبني ما هُدم، وسنحوّل هذه اللحظة إلى نقطة انطلاق نحو مستقبل مشرق يعيد للشعب حقوقه، وللوطن عزته وكرامته.