الدراسات والبحوثتقدير موقف

حرب 7 أكتوبر تكسر كل قواعد الاشتباك

مصالح الأطراف_ التداعيات_ السيناريوهات

17 تشرين الأول/أكتوبر 2023
مركز كاندل للدراسات
تقدير موقف

المقدمة

في 7 تشرين الأول/أكتوبر يوليو 2023، شنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس هجوماً مباغتاً على الجيش الإسرائيلي في غلاف غزة عبر البر والجو والبحر وأوقع الهجوم خسائر فادحة في العتاد والأرواح وشكل ضربة استراتيجية لإسرائيل أظهر مدى الضعف الدفاعي والاختراق الأمني الذي حققه القسام في الجيش الإسرائيلي وانهيار هيبة الجيش الإسرائيلي تماماً أمام ضربات القسام مما دفع بحكومة نتنياهو لإعلان الحرب الشاملة على قطع غزة بطريقة انتقامية راح ضحيتها حوالي 3000 شهيد و10 آلاف مصاف و1000 مفقود تحت الأنقاض و400 ألف نازح وتدمير عدد من الأحياء في مدينة غزة وكل ذلك بدون أهداف سياسية واضحة.

في هذا التقرير سنفصل في مصالح الفاعلين الأساسيين في هذه الحرب والتداعيات والارتدادات المحتملة لهذه الحرب والسيناريوهات المحتملة لنهايتها.

أولاً: أهداف ومصالح الفاعلين

1)    أهداف حركة حماس من تنفيذ عملية طوفان الأقصى

تسعى حركة حماس إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية من عملية طوفان الأقصى:

  • حماية المسجد الأقصى:

ترى حركة حماس أن الاقتحام المتكرر من قبل المتطرفين الصهاينة وبحامية من الشرطة الإسرائيلية للمسجد الأقصى هو انتهاك خطير للمسجد، إضافة لبدء تطبيق الحكومة الإسرائيلية التقسيم الزماني للمسجد بين المسلمين واليهود والتقسيم المكاني للمسجد مما يعني أن خطة التهويد بدأت بالتطبيق

  • دفع الكيان الصهيوني للتفاوض على إطلاق سراح الأسرى:

تطالب حركة حماس بإطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين المحتجزين في سجون إسرائيل والبالغ عدده 5000 أسير، وترى أن عملية طوفان الأقصى هي وسيلة لممارسة الضغط على إسرائيل للتفاوض على إطلاق سراحهم.

  • فك الحصار عن غزة:

تعاني غزة من حصار إسرائيلي خانق منذ سنوات، وتسعى حركة حماس إلى فك الحصار عن غزة وتحسين الأوضاع المعيشية للسكان.

2)    الأهداف الإسرائيلية من العملية البرية على غزة

الأهداف الإسرائيلية من العملية البرية على غزة

تسعى إسرائيل إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية من العملية البرية على غزة:

  • إنهاء وجود حماس في غزة

ترى إسرائيل أن حركة حماس هي تهديد وجودي لها، وتسعى إسرائيل إلى القضاء على البنية التحتية العسكرية والأمنية لحماس، بما في ذلك الأنفاق والمواقع العسكرية والقيادة السياسية والعسكرية لحماس، كما تسعى إسرائيل إلى اعتقال أو قتل قادة حماس، ومنع حركة حماس من شن هجمات ضد إسرائيل.

  • دفع كتل سكانية للنزوح خارج غزة:

يمكن للجيش الإسرائيلي فتح ممرات آمنة إلى سيناء وتكثيف القصف الجوي لدفع سكان غزة إلى النزوح، تسعى إسرائيل إلى تفريغ غزة من سكانها، مما سيجعل من الصعب على حركة حماس شن هجمات ضد إسرائيل، كما سيؤدي إلى زعزعة استقرار حركة حماس، وجعلها أكثر عرضة للهزيمة.

  • الانتقام واستعادة هيبة الكيان والخروج من الهزيمة النفسية

ترى إسرائيل أن عملية طوفان الأقصى هي فرصة للانتقام من حركة حماس بعد هزيمتها في معركة سيف القدس عام 2022، كما تسعى إسرائيل إلى استعادة هيبتها بعد أن بدا أنها تتراجع أمام حركة حماس.

  • تحرير الرهائن والأسرى

تسعى إسرائيل إلى تحرير الرهائن الإسرائيليين والعرب المحتجزين لدى حركة حماس، وذلك لمنع هذا الملف من أن يشكل نقطة قوة لحماس في أي مفاوضات تهدئة مع إسرائيل.

تسعى إسرائيل إلى إلحاق خسائر بشرية واقتصادية كبيرة بحركة حماس، مما سيضعفها ويجعلها أكثر عرضة للهزيمة، كما تسعى إسرائيل إلى إظهار قوتها للعالم، والتأكيد على أنها لا تزال القوة المهيمنة في المنطقة.

 

3)    الموقف العربي الرسمي من الحرب الإسرائيلية على غزة

تحركت الدبلوماسية السعودية والمصرية والقطرية والأردنية إضافة لعدد من الدول العربية الأخرى وفق عدد من المحددات

  • رفض إدانة حماس بشكل صريح:

رغم الموقف العربي الحساس من حركة حماس ذات العلاقة الوطيدة بإيران لكنها ترى أن حماس تحظى بدعم شعبي قوي في غزة، وأن إدانتها بشكل صريح قد يضعف موقف الشعب الفلسطيني في الصراع مع إسرائيل ويعطي المبرر لإسرائيل في ارتكاب المزيد من الجرائم بحق الشعب الفلسطيني.

  • تحميل إسرائيل مسؤولية ما حدث لرفضها حل الدولتين:

ترى الدول العربية أن إسرائيل هي المسؤولة عن الحرب لأنها رفضت حل الدولتين، وهو الحل الوحيد الذي يمكن أن يضمن السلام والأمن في المنطقة، كما ترى الدول العربية أن إسرائيل تسعى إلى تصفية الوجود الفلسطيني في غزة، وأنها تمارس سياسة تمييز عنصري ضد الفلسطينيين.

  • رفض خيار تهجير سكان قطاع غزة إلى أي مكان:

ترى الدول العربية أن تهجير سكان قطاع غزة إلى أي مكان هو انتهاك لحقوق الإنسان، وأنه سيؤدي إلى أزمة إنسانية كبيرة، كما ترى الدول العربية أن تهجير سكان غزة هو وسيلة إسرائيلية لتغيير التركيبة السكانية في المنطقة.

  • التهديد باتخاذ إجراءات ضد إسرائيل:

هددت الدول العربية باتخاذ إجراءات ضد إسرائيل، بما في ذلك مقاطعة اقتصادية وسياسية، كما هددت الدول العربية بدعم حركة حماس في الصراع مع إسرائيل.

  • الدخول على خط المفاوضات للتهدئة بين حماس وإسرائيل ومنع توسع دائرة الصراع.

تسعى الدول العربية إلى الدخول على خط المفاوضات للتهدئة بين حماس وإسرائيل، ومنع توسع دائرة الصراع، كما تسعى الدول العربية إلى إيجاد حل عادل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، يضمن حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة.

 

4)    الموقف الإيراني وحزب الله

تواجه إيران وحزب الله اللبناني اختبارًا صعبًا في ظل الحرب الإسرائيلية على غزة، ففي حال عدم دعمهما لحماس عسكرياً بالمستوى المطلوب، سيتهمان بالخيانة من قبل الفلسطينيين، وفي حال دعمهما لحماس، سيعرضان نفسيهما لضرب موجع من إسرائيل.

إيران تدعم غزة ماليًا وسياسيًا، لكن دون الدخول في الحرب حيث تقدم إيران دعمًا ماليًا وسياسيًا لحماس، لكنها حددت موقفها بعدم التدخل في الحرب الإسرائيلية على غزة، إلا إذا تم استهدافها مباشرة من قبل إسرائيل.

بينما أعلن حزب الله اللبناني أنه لن يتدخل في الحرب الإسرائيلية على غزة إلا إذا قامت إسرائيل باجتياح بري للقطاع.

من المرجح أن يكتفي حزب الله بشن هجمات محدودة ضد إسرائيل كما يمكن لإيران استخدام الأراضي السورية لتوجيه بعض القذائف على الجولان السوري المحتل.

من المرجح أن يكتفي الحزبان بشن هجمات محدودة ضد إسرائيل، دون الانزلاق إلى حرب شاملة، لتجنب تعرضهما لضرب موجع من إسرائيل.

5)    الموقف الأمريكي والغربي

اتسم الموقف الأمريكي والغربي بالدعم المطلق لتل أبيب في حربها على غزة وتقديم كافة الدعم العسكري والسياسي والانسياق وراء الرواية الإسرائيلية لما حدث

في المجال العسكري

حشد الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة قوة عسكرية بحرية شرق المتوسط لدعم تل أبيب.

أهداف الولايات المتحدة من حشد الترسانة العسكرية وحاملات الطائرات شرق المتوسط:

تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيق أربعة أهداف رئيسية من حشد الترسانة العسكرية وحاملات الطائرات شرق المتوسط:

  • إعطاء رسالة تطمين للكيان الصهيوني المتضعضع بعد ضربة حماس: تسعى الولايات المتحدة إلى إظهار دعمها للكيان الصهيوني في مواجهة حماس.
  • توجيه رسالة تحذير لحزب الله وإيران من التدخل في الحرب: تسعى الولايات المتحدة إلى منع حزب الله وإيران من التدخل في الحرب.
  • تقديم الدعم الاستخباراتي بعد اختراق المنظومة الأمنية للكيان الصهيوني: تسعى الولايات المتحدة إلى تقديم الدعم الاستخباراتي للكيان الصهيوني لمساعدته في مواجهة حماس.
  • ممارسة الضغط النفسي على حماس ودفعها لطلب التفاوض وإطلاق الأسرى: تسعى الولايات المتحدة إلى ممارسة الضغط النفسي على حماس لدفعها إلى وقف الحرب وإطلاق سراح الأسرى.

في المجال السياسي

سيقوم الرئيس بايدن بزيارة إلى تل أبيب يوم الأربعاء 18 تشرين الأول/أكتوبر 2023 يهدف من منها إلى تحقيق أربعة أهداف رئيسية من زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لتل أبيب:

  • إعطاء رسائل لإيران من أجل منع توسع دائرة الصراع ودخول أطراف موالية لإيران في الحرب: تسعى الولايات المتحدة إلى منع توسع دائرة الصراع في المنطقة.
  • إظهار الدعم المعنوي للكيان الصهيوني واحتواء الأزمة الناشبة بين حكومة تل أبيب والجيش الإسرائيلي: تسعى الولايات المتحدة إلى دعم الكيان الصهيوني في مواجهة أزمة الحكومة الإسرائيلية.
  • كسب أوراق انتخابية لدى اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة: تسعى الولايات المتحدة إلى كسب أصوات اللوبي الصهيوني في الانتخابات الأمريكية.
  • ضبط السلوك الإجرامي للجيش الإسرائيلي بحيث لا يحرج الولايات المتحدة: تسعى الولايات المتحدة إلى ضبط السلوك الإجرامي للجيش الإسرائيلي بحيث لا يتسبب في إحراجها.
  • البحث عن صفقة لإنقاذ الرهائن الأمريكيين لدى حماس: تسعى الولايات المتحدة إلى إنقاذ الرهائن الأمريكيين لدى حماس من خلال عملية عسكرية أو من خلال صفقة مع حماس لقاء عدم تصنيفها على قوائم الإرهاب.

 

ثانياً:  تداعيات حرب 7 أكتوبر

تشير الدلائل الأولية إلى أن حرب 7 أكتوبر ستترك عددًا من التداعيات المهمة على المنطقة، منها:

1)    على القضية الفلسطينية

  • وحدة الموقف الفلسطيني: عكست الحرب وحدة الموقف الفلسطيني في الضفة والقطاع وداخل الخط الأخضر، وأعادت قضية المسجد الأقصى وحل الدولتين إلى الواجهة، وتصاعد الدعم الشعبي العربي والإسلامي للقضية.
  • الضغط على إسرائيل :بدأ العديد من الكتاب الغربيين يعيدون أسباب الانفجار للتعنت الإسرائيلي والتواطئ الغربي الذي لم يدعم تطبيق حل الدولتين، مما قد يضع مزيدًا من الضغط على إسرائيل للتوصل إلى تسوية عادلة مع الفلسطينيين.

2)    على الداخل الإسرائيلي

  • الشعور بعدم الأمن: ستشعر شريحة واسعة من سكان إسرائيل بعدم الأمن وأنها محاطة بجيش من الميليشيات التابعة لإيران، مما قد يؤدي إلى هجرة عكسية إلى الغرب.
  • زيادة التوتر السياسي: ستزيد الحرب من التوتر بين المؤسسة القضائية الإسرائيلية والحكومة والكنيست، مما قد يؤدي إلى عدم الاستقرار السياسي.

3)    على الدول العربية

  • تأجيج التوتر: ستؤدي الحرب إلى تأجيج التوتر بين الدول العربية وإسرائيل، مما قد يعرقل عملية التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل.
  • إعادة النظر في التطبيع: قد تعيد الدول العربية النظر في خطوات التطبيع التي اتخذتها مع إسرائيل، وتشدد على اشتراط حل الدولتين.
  • التوجه إلى إيران: قد تتجه الدول العربية إلى إيران بحثًا عن دعم في مواجهة إسرائيل، مما قد يؤدي إلى مواجهة استراتيجية بين إيران وتركيا على النفوذ في المنطقة.

4)    على إيران

  • تعزيز الأوراق التفاوضية: ستشعر إيران أنها وجهت لطمة كبيرة لإسرائيل، مما قد يعزز أوراقها التفاوضية مع الغرب والدول العربية في الملف النووي ونفوذها في المنطقة.
  • مواجهة تركيا: قد تؤدي الحرب إلى مواجهة استراتيجية بين إيران وتركيا على النفوذ في المنطقة.

5)    على الغرب

  • تصاعد الأصوات المناهضة لإسرائيل: قد تتصاعد الأصوات الغربية التي تدعو إلى وقف الدعم الغربي لإسرائيل، خاصةً مع انكشاف حجم الجرائم الإسرائيلية وتأثير إسرائيل في الانتخابات الغربية.
  • تخفيف الضغط عن روسيا: قد تؤدي الحرب إلى تخفيف الضغط على روسيا في الحرب الأوكرانية، حيث ستركز الدول الغربية على الشرق الأوسط.

6)    على الحرب الأوكرانية

  • تخفيف الضغط عن روسيا: قد تؤدي الحرب إلى تخفيف الضغط على روسيا في الحرب الأوكرانية، حيث ستركز الدول الغربية على الشرق الأوسط.
  • انخفاض الدعم الغربي لأوكرانيا: قد يؤدي تركيز الدول الغربية على الشرق الأوسط إلى انخفاض الدعم الغربي لأوكرانيا.

ثالثاً: السيناريوهات المحتملة للعملية البرية الإسرائيلية على غزة

هناك أربعة سيناريوهات محتملة للعملية البرية الإسرائيلية على غزة:

1)     السيناريو الأول: تفريغ غزة من سكانها

يمكن للجيش الإسرائيلي فتح ممرات آمنة إلى سيناء وتكثيف القصف الجوي لدفع سكان غزة إلى النزوح لكن يواجَه هذا السيناريو برفض مصري وعربي ودولي كما أن تكلفته البشرية مرتفعة وهو ما يمكن أي يفجر الحرب بطريقة مختلفة بدخول أطراف أخرى على خط المواجهة.

2)     السيناريو الثاني المفاوضات والعودة للتهدئة

يمكن أن يفشل الجيش الإسرائيلي في اقتحام غزة، ويضطر إلى اللجوء إلى سياسة التجويع والحصار من جديد لإجبار حماس على المفاوضات وفك الرهائن والأسرى والتهدئة مقابل تخفيف الحصار.

3)     السيناريو الثالث: اقتحام غزة وقلب حكم حماس

يمكن للجيش الإسرائيلي اقتحام غزة وإخراج حركة حماس من السلطة، ولكن هذا سيتطلب تكلفة بشرية ومالية كبيرة إضافة لإمكانية وقوع خسائر كبيرة في صفوف الجيش الإسرائيلي يمكن أن تشكل عامل ضغط سياسي على الحكومة الإسرائيلية وتتسبب في سقوطها.

4)     السيناريو الرابع صمود القسام في غزة وفشل خطة الاجتياح

يمكن لحركة حماس الصمود في وجه العملية البرية الإسرائيلية، مما سيؤدي إلى حرب طويلة ومكلفة وتدفع إسرائيل لوقف العملية أو إلغائها والاكتفاء بتسجيل الموقف عبر قصف المدنيين وارتكاب المجازر.

الخاتمة

تسببت الحرب الإسرائيلية على غزة في خسائر بشرية واقتصادية كبيرة، وساهمت في تأجيج التوتر في المنطقة، ومن المتوقع أن تستمر الحرب لفترة طويلة، وأن يكون لها آثار بعيدة المدى على الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

السيناريو الأكثر ترجيحًا هو أن تتوقف الحرب الإسرائيلية على غزة بعد فترة من القتال، دون أن تحقق أي من الأطراف أهدافها بالكامل، ومن المرجح أن يستمر الحصار الإسرائيلي على غزة، وأن تستمر حركة حماس في إطلاق الصواريخ على إسرائيل.

السيناريو الأقل ترجيحًا

السيناريو الأقل ترجيحًا هو أن تتوسع الحرب الإسرائيلية على غزة، وتتدخل أطراف أخرى في المنطقة، مما قد يؤدي إلى حرب شاملة في المنطقة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى