Fire Sale
Alex Shephard
Illustration by Gustavo Magalhães
The New Republic 09.2023
انتشرَ في الولايات المتحدة خبرٌ يوم 6 يونيو/حزيران بأن المملكة العربية السعودية اشترت رياضة الغولف، وعلى الرغم من أن الأمر لم يكن بهذه الصورة فإن هناك شيئًا من الحقيقة، فقد أعلنت شركة LIV Golf الجديدة المدعومة من السعودية أنها ستندمج مع رابطة لاعبي الغولف المحترفين، منهية بذلك خلافات طويلة قسمت الرياضة لأكثر من عام. وفي الواقع، كان الأمر أكثر استحواذًا منه اندماجًا.
وبينما لا تزال تفاصيل الكيان الجديد عرضةً للتغيير، فهناك شيئان واضحان: سيتم تمويل الكيان بما يزيد عن مليار دولار من قبل صندوق الاستثمارات العامة السعودي (PIF) ، وسيكون محافظ الصندوق ياسر الرميان رئيسًا له.
وبذلك تمت إحدى عمليات الاستيلاء المذهلة على السلطة، وتولت المملكة العربية السعودية السيطرة على رياضة احترافية بأكملها.
إن المناخ الجاف في المملكة العربية السعودية ليس مناسبًا لرياضة الغولف، حيث يبلغ متوسط درجات الحرارة عادة في شهر يوليو/تموز حوالي 44 درجة مئوية، ولكن الأمر لا يتعلق بالرياضة فقط، إذ يُعتبر استحواذ المملكة على لعبة الغولف الاحترافية جزءًا من استراتيجية أكبر تهدف إلى الحفاظ على الأهمية الاقتصادية الجيوسياسية في عالم يتحول بسرعة بعيدًا عن الوقود الأحفوري ، كما تهدف إلى تلميع صورتها العالمية، وتوسيع نفوذها عالميًا.
ولا تقتصر فورة الإنفاق على لعبة الغولف، فقد زاد السعوديون في الأشهر الأخيرة من استثماراتهم في سباقات الفورمولا واحد والملاكمة وركوب الدراجات، ومن المتوقع أيضًا أن يبرم صندوق الاستثمارات العامة صفقة طويلة الأجل مع اتحاد محترفي التنس لإحضار نهائيات الجيل القادم من الرياضة إلى جدة.
وفي أعقاب بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 التي استضافتها قطر، استقطب السعوديون نجومًا مثل كريستيانو رونالدو وكريم بنزيمة وكانتي ونيمار إلى دوري المحترفين السعودي برواتب مذهلة؛ حيثُ يتقاضى رونالدو أكثر من 200 مليون دولار في الموسم الواحد، بينما يحصل كانتي الذي يعاني من إصابات في كثير من الأحيان على نصف هذا المبلغ.
يقول سايمون تشادويك أستاذ الرياضة والاقتصاد الجيوسياسي في كلية سكيما للأعمال في باريس:
“إنها ليست رياضة فقط، إذ تستثمر المملكة العربية السعودية مبالغ ضخمة من المال في 14 أو 15 قطاعًا مختلفًا، بما في ذلك مصادر الطاقة البديلة، والبنية التحتية للسياحة، وحتى في صناعة السينما. وبالنسبة لي، يتعلق الأمر كله بالأمن”.
وهذا الأمن، حسب تشادويك، له عنصران: “الأول هو العدد الكبير من الشباب في البلاد (70 في المائة من السعوديين تحت سن 35) مما يثير المخاوف بشأن التطرف الديني، والقلق الأكبر من ربيع عربي آخر. والعنصر الثاني اقتصادي، فالمملكة العربية السعودية تعتمد حاليًا بشكل كبير على النفط، والأمن طويل الأمد لهذا الاقتصاد ضعيف، لا سيما في عالم يقاوم إنتاج الوقود الأحفوري، مما يجعل أمام المملكة العربية السعودية 20 عامًا لتنويع اقتصادها؛ ويتعلق الأمر بخلق اقتصاد أكثر أمانًا ومرونة في مرحلة ما بعد النفط والغاز بالإضافة إلى حماية العائلة المالكة في البلاد”.
وبالطبع، لن يضر تحسين سمعة الدولة بالقمع أيضًا. فقد قام قتلة سعوديون باغتيال وتقطيع جثة الصحفي السعودي جمال خاشقجي بالمنشار في قنصلية المملكة باسطنبول في عام 2018. كما تورط الجيش السعودي في حرب مستمرة منذ سنوات في اليمن أدت إلى مجاعة وموت جماعي.
إن الاستثمار في الرياضة هو محاولة لتغيير العلامة التجارية، ويهدف أيضًا إلى جذب السياح إلى بلد استقر على هوية ما بعد النفط: هوية موقع لقضاء العطلات، أو لاس فيغاس على الخليج.
تؤكد هذه التحركات أيضًا على الشعور العام بالإفلات من العقاب الذي عمل السعوديون من خلاله على مدى عقود، فربما يكون من الأفضل فهم شراء الغولف على أنه لعبة قوة: إذ تُظهر أن الحكومة السعودية يمكن أن تقتل مواطنًا أمريكيًا، ثم تشتري في غضون سنوات قليلة رياضة أمريكية. كما أنها أحدثت فجوة بين رابطة لاعبي الغولف المحترفين والحكومة الأمريكية ، الأمر الذي أثار مخاوف تتعلق بمكافحة الاحتكار وحقوق الإنسان بشأن الشراكة السعودية.
وفي رياضة كرة القدم، لا تزال العديد من الفرق الأوروبية تعاني من ضائقة مالية ولم تتعاف بعد من الوباء، مما يجعلها تعتمد بشكل متزايد على الأموال القادمة من السعودية. ولا يبدو من المستغرب أن تلعب الفرق السعودية في دوري أبطال أوروبا في المستقبل القريب، وأن تستضيف السعودية نهائيات كأس أوروبا وكأس العالم.