الدراسات والبحوثتحليلات

بلنكين.. زيارة متأخرة للسعودية ومحاولة ترتيب ملفات تم ترتيبها

قام وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن يوم 6 حزيران/يونيو2023 بزيارة إلى المملكة العربية السعودية استغرقت ثلاثة أيام التقى خلالها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وشارك في اجتماع مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي.

ويبدو أن زيارة وزير الخارجية الأمريكية التي استغرقت ثلاثة أيام

والتي تعتبر سابقة في أطول زيارة يقوم بها وزير خارجية أمريكي للسعودية كانت تحمل ملفات حساسة للغاية، منها ملفات مهمة جداً تم التباحث بها وهي:

التقارب الإيراني الخليجي

بعد المصالحة السعودية الإيرانية لم تعد الولايات المتحدة قادرة على استغلال الخلافات الخليجية مع إيران لصالحها في تقديم الخدمات الأمنية وبيع الأسلحة وتطويع دول الخليج ضمن الرؤية والمسار الأمريكي في المنطقة ودفعها للتطبيع مع إسرائيل، ولم ترغب الولايات المتحدة بإعطاء أي تفوق عسكري للخليج ضد إيران وفي حرب اليمن يجعلها في غنًى عن الاستعانة المستدامة بالولايات المتحدة، خصوصاً أن التحول بات من العداء مع إيران إلى تحالف وتعاون مع إيران وهو ما تتخوف منه الولايات المتحدة وتسعى لوقفه.

أوبك+

ترغب الولايات المتحدة في أن تبقى أسعار النفط خاضعة للعرض والطلب في السوق النفطية وعدم السيطرة عليها باتفاقيات داخل أوبك تعمل على التحكم بالإنتاج النفطي والعرض للتحكم بالأسعار الذي قد يستخدم للإضرار بالمصالح الامريكية كالضغط على الاتحاد الأوربي لاتخاذ سياسات متراخية مع روسيا.

من أجل ذلك تحاول الولايات المتحدة إشهار قوانين مكافحة الاحتكار “قانون نابك” الذي تبتز به الولايات المتحدة الدول المنتجة للنفط خاصة منظمة أوبك +

موقف دول الخليج من الإدارة الأمريكية

لا ترغب الولايات المتحدة أن تؤدي التحركات الخليجية ولو على سبيل المناورة تجاه التقارب الاقتصادي والتجاري والسياسي مع الصين وروسيا إلى شغل الفراغ بالمنطقة وأن يتحول هذا التقارب إلى تحالف أمني وعسكري على حساب حجم المصالح الكبير الذي يجمع دول الخليج مع الولايات المتحدة.

مكافحة الإرهاب

يعتبر الإرهاب الملف الذي جر بأقدام الولايات المتحدة للمنطقة بعد أن أعلنت في إدارة أوباما رغبتها بالانسحاب من منطقة الشرق الأوسط والتركيز على المحيط الهادئ وآسيا، كما ترغب الولايات المتحدة بالتأكيد على تماسك التحالف الدولي ضد الإرهاب وتستعد لمواجهة جديدة مع جيوب تنظيم داعش في المنطقة وتحتاج إلى مساعدة أمنية وعملياتية من حلفائها في المنطقة لمواجهة خطر التنظيمات الإرهابية.

وقد يكون هذا الإصرار مرتبط بالتواجد العسكري الروسي في المنطقة.

التطبيع مع إسرائيل

يعتبر ملف التطبيع أحد الملفات التي تحملها الولايات المتحدة أثناء زيارات مسؤوليها للمنطقة وترغب باستكمال ما تم البدء فيه منذ إدارة الرئيس ترامب، حيث حصل تقارب عربي إسرائيلي غير مسبوق، لا ترغب إدارة بايدن بانقضاء ولايتها قبل أن تحدث تقدماً بهذا الملف كنوع من الأوراق الانتخابية للسنة القادمة خصوصاً أن الإدارة فيها كثيرٌ من المسؤولين اليهود في الصفوف الأولى، كما أن الدفع نحو التطبيع خصوصاً مع السعودية هو إعطاء أوراق سياسية لنتنياهو المتوجس من الإدارة الديمقراطية وتطمين إسرائيل أن التوجه السعودي نحو إيران لن يكون على حساب أمن إسرائيل في المنطقة.

التطبيع العربي مع النظام السوري

لا ترغب الولايات المتحدة أن يفضي التوجه العربي للتطبيع مع النظام إلى خلق حالة من الاستقرار السياسي تستثمرها روسيا وإيران في ظل تصاعد الصراع الأوكراني الروسي ووجود بوادر محاولة روسية لتفجير الصراع في البلقان.

لذلك تشترط الولايات المتحدة أن يكون التطبيع مع النظام هو ضمن الإطار الإنساني وألا يكون هناك أي خطوة تجاه النظام تتناقض مع القرار الدولي الخاص في سورية 2254.

الخلاصة

إن الإدارة الأمريكية توحي بجدية توجهها لإنهاء الملفات العالقة وتقريب وجهات النظر والاستماع جيداً لـلسعودية وربما تلبية بعض مطالبها وممارسة المزيد من الضغط عليها لثنيها عن التحرك خارج الرؤية والمصالح الأمريكية في المنطقة.

تعتقد الولايات المتحدة أنها بالابتعاد عن الشرق الأوسط ستقلل من التزاماتها وتقلل المشاكل العالقة بها وتحدُّ من تدخلها في دوامات المنطقة الأمنية والسياسية وستتودد دول المنطقة إليها وتخف مسؤولياتها في المنطقة والعالم.

لكن ما حصل العكس فإن دول الخليج استطاعت إعادة ترتيب أولوياتها وأوراقها وحلفائها

وتقييم مشاكلها وإنهاء خلافاتها في المنطقة والبحث عن فرص للسلام والاستثمار وحسن الجوار.

وتركت باب التطبيع مفتوحاً وعملت على التفاهم مع القوى الصاعدة القادرة على ملء الفراغ الأمريكي في المنطقة وهو ما قرع ناقوس الخطر في واشنطن ودفع بوزير الخارجية بلنكين لتخصيص ثلاثة أيام لزيارة السعودية.

بالنهاية ورغم كل التحديات المتراكمة أمام العلاقات الخليجية الأمريكية لكن الولايات المتحدة لا تستطيع ترك المكان خالياً لـ روسيا والصين وغيرهم من الدول..

ودول الخليج تعلم جيداً أن أكثر دولة موثوقة بالنسبة لها في حماية مصالحها هي الولايات المتحدة الأمريكية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى