أبحاث

العملية الإسرائيلية الهجينة ضد حزب الله.. الأسباب – الأهداف – التداعيات

مقدمة

بعملية سيبرانية هجينة مترادفة بدأت يوم 17 أيلول/ سبتمبر 2024، استهدفت أجهزة الاتصال “البيجر” التابعة لعناصر حزب الله، والتي أسفرت عن مقتل تسعة أشخاص وإصابة أكثر من 2800 آخرين، ثم أُتبعت بعملية ثانية يوم 18أيلول/سبتمبر2024 بتفجير أجهزة الاتصال من نوع ICOM IC-V82 VHF  والتي أدت إلى وقوع 9 قتلى وأكثر من 300 إصـابة لعناصر من قوات الرضوان التي تعتبر قوات النخبة في الحزب وقد أُثيرت تساؤلات جوهرية حول دور إسرائيل في هذا الخرق الأمني، وما إذا كان جزءًا من استراتيجية أوسع لإشعال المنطقة، وعلى الرغم من امتناع إسرائيل عن إعلان مسؤوليتها بشكل صريح، إلا أن الدلائل تشير إلى تورطها، فقد نقلت مصادر عن مسؤولين أمريكيين مطلعين تأكيدهم أن إسرائيل نفذت العملية عبر إخفاء مواد متفجرة داخل دفعة من أجهزة اتصال تايوانية الصنع تم استيرادها إلى لبنان.[1]

فيما أكدت القناة 12 الإسرائيلية أن واشنطن أوضحت لإسرائيل أنها غير معنية بتصعيد على جبهة لبنان، بينما أشارت القناة 14 إلى أنه ابتداءً من الليلة، سينتقل التركيز الأمني والعسكري من قطاع غزة إلى الجبهة الشمالية، في المقابل، اعتبرت الحكومة اللبنانية الهجوم الإسرائيلي انتهاكًا خطيرًا لسيادتها، بينما أعلن وزير التربية اللبناني إغلاق المدارس يوم غد.

على الصعيد الإسرائيلي، أكد الجيش الإسرائيلي أنه لا توجد تعليمات خاصة للسكان، في حين أجرى رئيس الأركان مشاورات أمنية تتعلق بالوضعين الدفاعي والهجومي، كما أفاد المرصد السوري بإصابة 14 شخصًا في سوريا جراء انفجار مماثل لأجهزة الاتصال.

و تشير الترجيحات بأن برامج ضارة قد تكون السبب وراء تفجير أجهزة الاتصال، مشيرة إلى أن مئات من عناصر حزب الله كانوا قد استلموا هذه الأجهزة قبل التفجيرات.[2]

وفي حين دعا حزب الله إلى الانتقام من إسرائيل، أطلقت فرق الإسعاف الإسرائيلي نداءات لبدء عمليات التبرع بالدم في مدينة حيفا، في إشارة إلى استعدادها لأي تصعيد قد يحدث في أعقاب هذه الحادثة.

تأتي هذه العملية بعد تنفيذ إسرائيل لعملية خاصة يوم 9أيلول/سبتمبر 2024 دمرت خلالها مصنع صواريخ إيراني تحت الأرض في غارة برية في منطقة مصياف بسورية، [3] ومجموعة كبيرة من العمليات الأمنية استهدف 450 قيادياً وعنصراً من حزب الله على رأسهم القائد العسكري للحزب فؤاد شكر .

في هذا التقرير التحليلي سنتناول الأسباب التي دفعت إسرائيل لتنفيذ العملية في هذا التوقيت وبهذا الشكل، والأهداف التي تريد حكومة نتنياهو تحقيقها والنتائج المحتملة للعملية السيبرانية .

أولاً: الأسباب التي دفعت بإسرائيل لتنفيذ هذه العملية الأمنية

إن الأسباب التي دفعت إسرائيل لتنفيذ هذه العملية الأمنية السيبرانية متعددة، وتمتد إلى أبعاد استراتيجية وأمنية، وهي مرتبطة بالتوتر المستمر بين الطرفين منذ بداية حرب 7 أكتوبر 2023.

  1. الضغط على حزب الله لقبول الشروط الإسرائيلية

تسعى إسرائيل إلى توجيه رسالة حازمة ومخيفة للحزب مفادها أن أي تصعيد من قبله سيقابل بردود فعل قوية وغير متوقعة، عبر استهداف أجهزة الاتصال الحيوية لحزب الله، تحاول إسرائيل إجباره على التراجع عن أي خطط للتصعيد أو لشن هجمات ضدها، الهدف هو الضغط على الحزب للقبول بشروط إسرائيل والانسحاب إلى شمال نهر الليطاني ونشر الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل في هذه المنطقة.

  1. تحقيق تفوق استخباراتي وتقني وتعديل قواعد الاشتباك

تهدف إسرائيل إلى ترسيخ تفوقها في المجال السيبراني والتكنولوجي عبر هذه العملية، تظهر إسرائيل قدرتها على تنفيذ هجمات سيبرانية معقدة ودقيقة قد تزعزع استقرار حزب الله من الداخل، العمليات السيبرانية توفر لها ميزة استراتيجية، حيث يمكنها تحقيق أهداف عسكرية دون الدخول في مواجهة مباشرة على الأرض، استهداف أنظمة الاتصال للحزب يظهر مدى تفوق إسرائيل الاستخباراتي والتقني على خصومها.

كما تسعى لتغيير قواعد الاشتباك بشكل يخدم مصالحها، فبينما يعتد الحزب على مبدأ الردع المتبادل، حيث يهدد بالتصعيد في حال أي ضربة إسرائيلية، ومع ذلك، هذه العملية تُظهر أن إسرائيل قادرة على توجيه ضربات نوعية دون أن تدخل في حرب شاملة، وهو ما يضعف من قدرة حزب الله على الرد بفعالية ويدفعه إلى إعادة حساباته، لأن منطق قواعد الاشتباك هو الرد من نفس نوع الاعتداء وبنفس الحجم وبالتالي فالرد على عملية أمنية بهذا الشكل خصوصاً أن إسرائيل لم تتبناها يستوجب على الحزب الرد بعملية أمنية وهو ما يقع فوق إمكانية الحزب.

  1. استباق أي هجوم محتمل من قبل الحزب

العملية تأتي في إطار ضربات استباقية تهدف إلى منع حزب الله من تنفيذ أي هجوم ضد إسرائيل، قد تكون إسرائيل حصلت على معلومات استخباراتية تشير إلى نية الحزب التحرك عسكريًا أو تصعيد التوترات، وبالتالي كانت هذه العملية طريقة لتعطيل خططه وتقليل قدرته على التحرك كما فعلت ذلك نهاية شهر أغسطس /آب 2024 في عملية استباقية لإجهاض هجمة صاروخية من الحزب على شمال إسرائيل.[4]

  1. إرسال رسالة للحلفاء والأعداء في المنطقة

العملية تحمل أيضًا رسالة إلى أطراف أخرى في المنطقة، مثل إيران والنظام، وكذلك إلى الحلفاء مثل الولايات المتحدة ودول الخليج. من خلال استعراض قوتها السيبرانية والقدرة على استهداف حزب الله بطرق مبتكرة، تعزز إسرائيل موقفها كقوة إقليمية قادرة على مواجهة التهديدات الأمنية بفعالية، حيث تفترض هذه العملية قيام إسرائيل بعملية مماثلة تستهدف فيها برامج الاتصالات للحرس الثوري الإيراني أو الأنظمة الإلكترونية للبرنامج النووي الإيراني وهو ما سيدفع إيران والنظام السوري لإعادة حساباتهم جيداً

  1. التمهيد لعملية اجتياح بري محتمل لجنوب لبنان

إن هذه العملية قد تكون “مقدمة لعمليات ميدانية لاحقة أكبر”، أو إنها محاولة لوقف التصعيد بدلاً من إشعاله، فإسرائيل “تسعى دائما إلى تفادي التوسع في الصراع وإعادة الأمور إلى السيطرة على الأراضي التي تعتبرها ذات أهمية استراتيجية”. وتأتي العملية بعد يوم واحد من تقارير إسرائيلية كشفت عن أن قائد المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي، أوري غوردين، بدأ ممارسة “ضغوط” على القادة من أجل الموافقة على تنفيذ هجوم بري جنوبي لبنان، يهدف إلى إنشاء “منطقة عازلة”. ونقلت هيئة البث الإسرائيلية والقناة الـ 13 الإسرائيلية، أن غوردين “يضغط على صناع القرار لبدء توغل واسع في لبنان”.[5]

ثانياً: الأهداف الإسرائيلية من العملية الأمنية الهجينية ضد الحزب.  

الأهداف الأمنية الإسرائيلية وراء العملية على جنوب لبنان تتسم بتعدد الجوانب، وتتمحور حول تقويض قوة حزب الله العسكرية وتقليص نفوذه في المنطقة، دون السعي إلى إسقاطه بالكامل، فيما يلي شرح موسع لأهداف العملية:

  1. طرد ميليشيا حزب الله إلى شمال الليطاني وإحلال الجيش اللبناني مكانه

إحدى الأهداف الرئيسة لإسرائيل هي الضغط لإبعاد ميليشيا الحزب من جنوب نهر الليطاني، وهي منطقة تعتبر استراتيجية لأمن إسرائيل. والتي يسيطر عليها الحزب منذ عقود، ويستخدمها كقاعدة لتهديد الأراضي الإسرائيلية، خاصة من خلال شبكة الأنفاق ومنصات إطلاق الصواريخ المخفية. وهو ما يعني تقليص قدرة الحزب على تنفيذ هجمات سريعة ومباغتة، مما يمنح إسرائيل عمقًا أمنيًا إضافيًا في جنوب لبنان.

كما ترغب إسرائيل في تعزيز سيادة الدولة اللبنانية على الجنوب من خلال نشر الجيش اللبناني وبذلك تحل قوة نظامية تلتزم بقرارات مجلس الأمن، ولا تشكل تهديدًا مباشرًا لإسرائيل، كما ترى إسرائيل في هذا الهدف جزءًا من استراتيجيتها للتعاون مع المجتمع الدولي، في تطبيق قرار مجلس الأمن 1701 الذي صدر بعد حرب 2006 والذي ينص على إيجاد منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني تكون خالية من أيّ مسلّحين ومعدات حربية وأسلحة عدا تلك التابعة للقوات المسلحة اللبنانية وقوات يونيفيل[6] وبذلك يتم تأمين منطقة الجليل التي تقع ضمن مدى الصواريخ القصيرة والمتوسطة التي يمتلكها الحزب.

2.الضغط على حزب الله للقبول بشروط إسرائيل لوقف إطلاق النار

إحدى الأهداف الخفية للعملية هي إكراه الحزب على   القبول بشروط إسرائيل لوقف إطلاق النار و هذا يشمل  وقف إطلاق النار.

  • السماح بعودة النازحين. من الجانبين
  • ترسيم الحدود اللبنانية الإسرائيلية البرية وحسم قضية مزارع شبعا
  • انسحاب مقاتلي حزب الله من المناطق الحدودية.
  • نشر المزيد من قوات الجيش اللبناني.[7]

كما تقوم إسرائيل من خلال هذه العملية بإرسال رسالة واضحة للحزب بأن قدراته العسكرية ليست آمنة، وأن تصعيدًا إضافيًا قد يعرض الحزب لضربات أقوى وأشد. قد لا تسعى إسرائيل إلى هزيمة حزب الله بالكامل، لكنها تريد من خلال هذا الضغط العسكري والاستخباراتي أن تجعل الحزب في موقف دفاعي مستمر، مما يجعله أقل عدائية تجاه إسرائيل في المستقبل.

ثالثاً: نتائج العملية المحتملة والتداعيات

نتائج العملية السيبرانية الإسرائيلية ضد الحزب كانت مفصلية على عدة مستويات، إذ أثرت بشكل مباشر على قدرة الحزب العسكرية، المعنويات الداخلية، واستراتيجياته المستقبلية، وفيما يلي تحليل للنتائج بناءً على المعطيات السابقة:

  1. إخراج 4000 عنصر من أي عملية عسكرية محتملة وتعطيل أنظمة الاتصال

إن التعطيل الفوري لشبكة الاتصال أثر على التواصل بين القيادات والمقاتلين، وأدى إلى  عزل آلاف المقاتلين عن القيادة الميدانية وأخرجهم فعليًا من معادلة الرد الفوري أو التنسيق في حالة التصعيد وإخراج 4000 عنصر من الخدمة يعني أن قدرة الحزب على الرد السريع وإدارة الموقف العسكري بشكل فعال تراجعت بشكل كبير، مما أضعف قدرته على شن هجمات أو تنظيم الدفاع بشكل منسق.

إن الهجوم على أنظمة الاتصال يمثل ضربة استراتيجية كبيرة لحزب الله، فهذه الأنظمة هي العصب الذي يعتمد عليه الحزب في إدارة عملياته العسكرية والتنسيق بين وحداته، وإن تعطيل هذه الأنظمة يعني إضعاف قدرة الحزب على التنسيق بين عناصره الميدانية وبين قيادته، مما قد يجعله عرضة لهجمات أكبر وأوسع من الجانب الإسرائيلي، في عصر الحروب الهجينة، حيث تكنولوجيا الاتصالات والقدرات السيبرانية هي جزء أساسي من أي عملية عسكرية، يعتبر ضرب هذه الأنظمة بمثابة شلّ مؤقت للحزب، مما يعرّضه لخطر فقدان السيطرة على الأرض في حالة نشوب أي مواجهة عسكرية كبيرة.

  1. هزة في المعنويات وزرع الخوف في قلوب عناصر حزب الله

العملية لم تكن فقط عسكرية، بل كانت لها آثار نفسية عميقة، فقد أثرت الهجمات بشكل كبير على معنويات عناصر حزب الله، خاصةً في ظل المفاجأة وعدم القدرة على الرد السريع، الحزب الذي لطالما اعتمد على قوته المعنوية وقدرته على المقاومة والتحدي، وجد نفسه في موقف دفاعي ضعيف، وإن الضربة القاسية لأنظمة الاتصال والتكنولوجيا التي يعتمد عليها الحزب خلقت حالة من القلق والخوف لدى المقاتلين، إذ أدركوا أن قدراتهم لم تعد منيعة وأن إسرائيل قادرة على الوصول إليهم بطرق مبتكرة وجديدة، مما جعلهم يشعرون بالعجز أمام التهديدات القادمة.

  1. تغيير قواعد الاشتباك التقليدية

العملية الإسرائيلية قلبت قواعد الاشتباك التي كانت قائمة منذ حرب 2006. حزب الله كان يعتمد على معادلة ردع متبادل مع إسرائيل، حيث تضمن الهجمات الانتقامية توازنًا معينًا، ولكن هذه الضربة السيبرانية والتكنولوجية هزت هذه القواعد التقليدية، إذ أظهرت أن إسرائيل يمكن أن توجه ضربات نوعية وتكنولوجية دون الحاجة إلى خوض معارك تقليدية مباشرة، هذه النقلة في قواعد الاشتباك قد تدفع حزب الله إلى إعادة تقييم استراتيجياته الدفاعية والهجومية في المستقبل.

ومن المؤكد أن الحزب بعد هذه الضربة القاسية، سيحتاج إلى إعادة النظر في أساليبه وطرق دفاعه ضد الهجمات السيبرانية والهجينة، الضربة كشفت هشاشة أنظمة الاتصال والتنسيق التي يعتمد عليها، مما يعني أن الحزب قد يُضطر إلى تحسين قدراته التكنولوجية أو تطوير استراتيجيات جديدة لتجنب الوقوع في فخ الهجمات المستقبلية، هذه المراجعة قد تشمل إعادة ترتيب المنظومة الأمنية المخترقة على مستوى المحور الإيراني وعلى مستوى الحزب والعمل على تحسين البنية التحتية للاتصالات أو استخدام تقنيات جديدة تجعل اختراقها أكثر صعوبة.

  1. رسالة لإيران وداعمي حزب الله

العملية الإسرائيلية لم تكن موجهة فقط لحزب الله، بل كانت أيضًا رسالة مباشرة لإيران التي تعتبر الداعم الرئيسي للحزب، وإن ضرب قدرة حزب الله في لبنان يضعف نفوذ إيران الإقليمي ويظهر أن إسرائيل قادرة على توجيه ضربات قاسية للأذرع الإيرانية في المنطقة. من هنا، تعتبر العملية جزءًا من الحرب الأوسع ضد الشغب الإيراني في الشرق الأوسط.

إسرائيل من خلال هذه العملية تسعى أيضًا إلى الضغط على حزب الله لقبول شروط التهدئة أو الانخراط في مفاوضات غير مباشرة، وإن تصعيد الأوضاع في لبنان بشكل غير محسوب قد يؤدي إلى نتائج كارثية على حزب الله نفسه وعلى حاضنته الشعبية. العملية أظهرت أن إسرائيل قادرة على توجيه ضربات قاسية دون الانخراط في حرب شاملة، مما قد يجبر حزب الله على التراجع أو إعادة تقييم سياسته تجاه التصعيد مع إسرائيل.

لكن رغم كل ذلك تحرص إسرائيل ومن ورائها الولايات المتحدة على ألا تؤثر أي عملية عسكرية ضد إيران أو حزب الله على تغيير قواعد اللعبة في الشرق الأوسط وعلى العقيدة السياسية لإسرائيل التي ترى من الضروري بقاء قوة إيران كأداة لتدمير المحيط المهدد لإسرائيل من خلال إشعال الحروب الطائفية وإدارة التنافس الاستراتيجي للسيطرة على المنطقة بين إسرائيل وإيران عبر المفاوضات التي تقودها الولايات المتحدة [8]

النتائج والخاتمة:

إن العملية هي جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى تحقيق الردع   للحزب عسكرياً وسياسياً دون السعي إلى إسقاط سيطرته على لبنان. من خلال تحقيق أهداف مثل طرد الميليشيا من الجنوب اللبناني وتدمير القوة الصاروخية، وإضعاف النفوذ الإيراني والحد من قدرة إيران التنافسية مع إسرائيل، كما تحاول إسرائيل تحييد التهديدات الأمنية المباشرة على حدودها. في النهاية، تهدف العملية إلى إحداث تأثير طويل الأمد على توازن القوى في لبنان، وتقليص قدرة حزب الله على تهديد الأمن الإسرائيلي من خلال وسائل علاجية جذرية وليست مجرد إجراءات وقائية.

عملية إسرائيل الأمنية ضد حزب الله في جنوب لبنان أدت إلى نتائج استراتيجية مهمة، شملت إخراج عناصر رئيسية من العمل العسكري، وضرب أنظمة الاتصال الحيوية، وزرع الخوف في نفوس مقاتلي الحزب. وأدت هذه العملية إلى كشف حجم الاختراق الأمني في صفوف الحزب والذي بدأت ملامحه تظهر من خلال وصول إسرائيل إلى الكثير من الأهداف الحساسة للحساب والتقاط المعلومات الأمنية ، كما كشفت العملية مدى الهشاشة التنظيمية والتخلف التقني والتكنولوجي وهو ما أسقط هيبة الحزب تماماً أمام عناصره

هذه العملية لم تكن مجرد هجوم عسكري تقليدي، بل كانت جزءًا من حروب هجينة تعتمد على التكنولوجيا والسيطرة على الاتصالات. النتائج تدفع حزب الله إلى إعادة تقييم استراتيجياته والبحث عن حلول لتعزيز قدراته في مواجهة هذا النوع من التهديدات. العملية تحمل أيضًا رسائل أوسع لإيران وللنظام الإقليمي، وتؤكد أن الحروب المستقبلية لن تكون مشابهة لتلك التي عرفناها سابقًا.

ومن المرجح أن ينحني الحزب في هذه المرحلة أمام الضربات الإسرائيلية ويقدم تنازلات إستراتيجية لإسرائيل مقابل الحفاظ على مكتسباته في السيطرة على الدولة اللبنانية وعدم الانجرار نحو رد غير محسوب من شأنه أن يقوض كل مكتسباتها ويعرضه للانتحار الاستراتيجي .

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

المراجع:

[1]. نيويورك تايمز : مسؤولون: إسرائيل زرعت متفجرات في أجهزة اتصال بيعت لحزب الله . نشر 17/9/2024 .

[2] . صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية : حزب الله يتعرض لموجة انفجارات في أجهزت اللاسلكي  نشر 18/9/2024 .

[3] . موقع أسيوس : إسرائيل دمرت مصنع صواريخ إيراني تحت الأرض في غارة برية في سورية . نشر 12/9/2024 .

[4] . موقع العربية : إسرائيل تقول إنها “نجحت” في توجيه ضربة استباقية ضخمة ضد حزب الله . نشر 23/8/2024

[5] منقول عن موقع قناة الحرة :  تفجير أجهزة “البيجر” في لبنان.. ما الأهداف الخفية وراء العملية؟ نشر 18/9/2024 .

[6] . مجلس الأمن : القرار ١٧٠١ (٢٠٠٦) الذي اتخذه مجلس الأمن في جلسته ٥٥١١ المعقودة في ١١ آب/أغسطس ٢٠٠٦

[7] . صحيفة “نيويورك تايمز نقلاً عن سكاي نيوز ” نقلت عن مسؤولين غربيين قولهم إن مفاوضات غير مباشرة تجرى بين الطرفين بغية التوصل إلى اتفاق يتم بموجبه: نشر 23/7/ 2024

[8] . موقع الجزيرة: “عقيدة المحيط” الجديدة.. ماذا تخشى إسرائيل؟ نشر 26/4/2024.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى