الحرب الإسرائيلية على غزة وانهيار النموذج الغربي في الشرق الأوسط
المقدمة
كانت الحرب بين حماس وتل أبيب في 7 أكتوبر 2023 حدثاً محورياً في تاريخ منطقة الشرق الأوسط، وقد أحدثت تغييرات عميقة في المنطقة، بما في ذلك تأثيرها على المصالح الغربية. وتشويه نموذج الحضاري الغربي في المتخيل العربي والمرتبط بدعوات حقوق الإنسان وعلمانية الدولة وأفكار التنوير والمذهب البراغماتي النفعي وحرية الرأي والتعبير، لينكشف مع بداية حرب غزة وجهاً كان مختفياً تحت الوجه الظاهر يعتمد الخطاب الديني ويقف مع المذابح الإسرائيلية ضد الأطفال والنساء والمدنيين الفلسطينيين واستخدام حق الفيتو لمنع وقفف إطلاق النار وتهديد الصحفيين والمؤسسات الإعلامية التي تنشر فظائع الجرائم الإسرائيلية وإقالة أي موظف يتعاطف مع غزة ولو بتدوينة على حسابه الشخصي وتزويد اسرائيل بأشد الأسلحة تدميراً لاستهداف الشعب الفلسطيني بها .
أولاً: أثار الدعم الغربي للحرب الإسرائيلية على غزة
لا شك ان هذه الحرب وانهيار النموذج الغربي المتخيل سيلقي بتأثيره على النفوذ الغربي في منطقة الشرق الأوسط فقد أظهرت هذه الحرب تأثيرها على المصالح الغربية في عدة جوانب، منها:
- تصاعد الرفض للهيمنة الغربية ودورها في الشرق الأوسط: يعكس تصاعد الرفض للهيمنة الغربية في المنطقة تراجع الثقة في الولايات المتحدة، باعتبارها القطب الغربي المهيمن في الشرق الأوسط. وقد يؤدي ذلك إلى زيادة الاعتماد من الدول العربية والخليج على القوى غير الغربية، مثل الصين وروسيا، التي تسعى إلى التمدد إلى المنطقة بطريقة مختلفة عن الانحياز الغربي غير المشروط لإسرائيل وفشل الغرب من 70 سنة حتى اليوم في حل القضية الفلسطينية وفق حل الدولتين.
- تزايد الانقسام الأفقي الغربي: أدى الخطاب الديني المتطرف من بعض الحكومات الغربية والمسؤولين الأمريكيين في حرب غزة الأخيرة وسياسة الترهيب وكم الأفواه وتحديد العمل والموظفين إلى زيادة الاحتجاجات الغربية الشعبية على الدعم الغربي لإسرائيل وخرجت مظاهرات عارمة في لندن وباريس وبرلين ونيويورك تندد بالحرب الإسرائيلية الهمجية وتندد بموقف الحكومات الغربية المتواطئة مع إسرائيل وهو ما أظهر الانقسام الواضح والبون الشايع بين المواقف الحكومية الرسمية المرتبطة بالمصالح الاقتصادية والسياسية الخاصة بها وبين مواقف الشعوب المنحازة للقيم الحضارية الغربية وهو ما فتح السؤول مجددا عن حجم النفوذ الصهيوني في دوائر صنع القرار الغربي إلى درجة ان تتنكر الحكومات الغربية لكل مبادئها لأجل إسرائيل
- تلاشي فرص تحقق المشاريع الاقتصادية الغربية في الشرق الأوسط: أضعفت الحرب فرص نجاح المشاريع الاقتصادية الغربية في الشرق الأوسط، وذلك بسبب تراجع الاستثمارات الغربية في المنطقة، وصعوبة التنسيق بين الدول الغربية في مجال التنمية الاقتصادية، وزيادة الاعتماد على القوى غير الغربية.
ثانياً: الآثار المستقبلية المتوقعة للحرب الإسرائيلية على غزة
من المتوقع أن تستمر الآثار المستقبلية لحرب 7 أكتوبر على المصالح الغربية في الشرق الأوسط لعدة سنوات قادمة. ومن بين هذه الآثار المحتملة:
- تراجع النفوذ الغربي في المنطقة: من المتوقع أن يستمر تراجع النفوذ الغربي في المنطقة، وذلك بسبب تصاعد الرفض للهيمنة الغربية والدور السلبي للغرب الذي ينظر للشرق الأوسط من منظور المصالح الإسرائيلية واعتبارها ساحة للاشتباك الدائم مع الصين وروسيا، وتزايد الانقسام الغربي، وضعف فرص المشاريع الاقتصادية الغربية الهندو – إبراهيمي
- تصاعد النفوذ غير الغربي في المنطقة: من المتوقع أن يستمر تصاعد النفوذ غير الغربي في المنطقة، وذلك بسبب زيادة الاعتماد على القوى غير الغربية مثل روسيا والصين وتركيا التي تعتمد أسلوب امد النفوذ بالشراكة الاقتصادية ومشاريع التنمية ودعم الاستقرار ، وتراجع النفوذ الغربي الذي يعتمد أسلوب إدارة الصراع وتغذية بؤر التوتر وترك بدون حل مثل مشكلة اليمن وسورية والقضية الفلسطينية .
- عدم الاستقرار في المنطقة: من المتوقع أن تؤدي الآثار المذكورة أعلاه إلى زيادة عدم الاستقرار في المنطقة، وذلك بسبب تصاعد التوترات بين القوى الإقليمية، وضعف المؤسسات السياسية، وتراجع التنمية الاقتصادية وبقاء القضية الفلسطينية والسورية بدون حل مع زيادة أزمات البطالة والهجرة والجريمة المنظمة.
الخاتمة
تمثلت الحرب بين حماس وتل أبيب في 7 أكتوبر 2023 حدثاً محورياً في تاريخ منطقة الشرق الأوسط، وقد أحدثت تغييرات ثقافية وسياسية واقتصادية عميقة في المنطقة، بما في ذلك تأثيرها على المصالح الغربية. ومن المتوقع أن تستمر الآثار المستقبلية لهذه الحرب لعدة سنوات قادمة، مما سيؤدي إلى تراجع النفوذ الغربي في المنطقة، وتصاعد النفوذ غير الغربي، وزيادة عدم الاستقرار في المنطقة وتأثيرها على التماسك الاجتماعي في الغرب وإعادة رسم خارطة التحالفات في المنطقة .