الدراسات والبحوثتحليلات

الاستراتيجية الإيرانية للاستفراد بالنفوذ في سورية: الملامح والمؤشرات

إعداد: ماهر عبد الهادي

مقدمة:

تتمتع سورية بموقع جيو – استراتيجي هام بالنسبة للمشروع الإيراني في المنطقة، وبالنسبة لعدد من اللاعبين الدوليين الفاعلين في الملف السوري من جهة أخرى، وفي ظل احتدام الصراع الدولي في سورية، وتضارب نفوذ الدول الفاعلة في الملف واختلاف مصالحها؛ باتت إيران بحاجة ملحة لبناء استراتيجيات تعزز من خلالها نفوذها في سورية وتحجم فيها نفوذ اللاعبين الآخرين الحاضرين في المشهد السوري.

تفترض هذه الورقة البحثية أن إيران قامت ببلورة استراتيجيتين رئيسيتين للتعامل مع الملف السوري واللاعبين الدوليين والمحليين الفاعلين فيه، يمكن توصيف الاستراتيجية الأولى بـ”استراتيجية التبوء والتجذر”، في حين يمكن توصيف الاستراتيجية الثانية بـ”استراتيجية الطرد والإحلال”، وفيما يلي استعراض توصيفي للاستراتيجيتين السابقتين، والمؤشرات التي تدعم تبني طهران لهما في الملف السوري.

أولاً – استراتيجية التبوء والتجذر:

تقوم هذه الاستراتيجية على تجاوز التعامل مع الملف السوري من منطلق ردات الفعل المختلفة، والتأسيس لوجود طويل المدى على مختلف المستويات العسكرية والأمنية والثقافية والاقتصادية، على نحو يمكن طهران من تحقيق أهدافها المختلفة في سورية، ويعقِّد في الوقت ذاته إمكانية تحجيم النفوذ الإيراني فيها.

وفيما يلي استعراض لمؤشرات هذه الاستراتيجية على المستوى العسكري والأمني والثقافي والاقتصادي:

1)   التجذر العسكري:

تسعى إيران لتجذير/ ترسيخ نفوذها العسكري في سورية من خلال عدة تكتيكات أبرزها منح الجنسية للقادة الإيرانيين والمقاتلين المنضوين في صفوف المليشيات الإيرانية المتواجدة في سورية، وبحسب تقارير غربية[1] فقد بلغ عدد المقاتلين الإيرانيين/ العاملين في صفوف المليشيات الموالية لإيران ممن حصلوا على الجنسية السورية نحو 10 آلاف مقاتل، يضاف لذلك سعي طهران لشرعنة وجودها العسكري، من خلال توقيع الاتفاقيات العسكرية المختلفة مع نظام الأسد[2]، والسعي في جعل المليشيات الإيرانية فرقًا رسمية ضمن الجيش السوري، حيث تشير المعلومات إلى أن نظام الأسد سبق وأصدر – بضغط إيراني – قرارات تقضي بحل 3 ألوية و11 مجموعة ‏قتالية من “القوات الرديفة” المدعومة من إيران، ودمج عناصرها في صفوف وحدات جيش النظام الرسمية، واعتبارهم “منتسبين متطوعين في صفوف ‏الجيش العربي السوري، ومنحهم أقدمية عسكرية على عدد السنوات التي خدموا فيها في مجموعاتهم”، ومن هذه تلك التشكيلات “لواء الباقر” في دير الزور الذي صار اسمه “اللواء 137” التابع إلى “الفرقة 17”[3].

2)   التجذر الأمني:

على غرار التجذر العسكري؛ تسعى إيران لاختراق الأجهزة الأمنية التابعة لنظام الأسد، وتعيين شخصيات مقربة منها في مفاصل تلك الأجهزة، على نحو يجعلها أكثر انصياعًا لتحقيق المصالح الإيرانية في سورية، وذلك من خلال مساهمتها في إيصال الضباط الموالين لإيران إلى المراكز الحساسة في تلك الأجهزة، وسط تنافس محموم بين موسكو وطهران على النفوذ ضمن تلك الأجهزة وفق ما تشير له العديد من التقارير[4]، يضاف لذلك سعي إيران لتشكيل شركات أمنية خاصة، مختلفة المهام في سورية، مثل شركتي “القلعة” و”الفجر” اللتان تعملان بإشراف ضباط من الحرس الثوري بحسب ما أورد موقع “المونيتور” الأمريكي في تقرير له نشر في كانون الثاني/ يناير 2021[5].

3)   التجذر الثقافي:

بالتوازي مع التجذر/ التغلغل الإيراني على المستوى العسكري والأمني، تسعى طهران لترسيخ وجودها في سورية عبر الأدوات الثقافية المختلفة، بما في ذلك نشر المذهب الشيعي في مختلف المحافظات السورية، وفتح الحسينات والحوزات الجديدة في مختلف المناطق الخاضعة لنفوذها والتي تجاوز عددها 69 حوزة وفق آخر الإحصائيات[6]، كما قامت إيران بافتتاح عدة مدارس تدرس باللغة الفارسية، ويقوم عليها كادر تعليمي إيراني، وفق ما أفادت بذلك مصادر محلية حيث افتتحت في وقت سابق ثلاث مدارس في مدينة البوكمال، ومدرسة واحدة في الميادين، تم توزيع المناهج الإيرانية فيها على نحو 250 طفلا سورياً تتراوح أعمارهم بين 8 سنوات و 15 سنة.

كما عملت إيران على إقامة مدارس باسم (الرسول الأعظم) تدرس المرحلتين، الإعدادية والثانوية، في اللاذقية وطرطوس، وفق منهج دراسي تطلق عليه إيران اسم (منهج آل البيت).

وبحسب مصادر خاصة فقد قامت المليشيات الإيرانية في ريف دمشق بفتح عدة معسكرات تدريبية، منها معسكر جديد قامت ميليشيا الحرس الثوري الإيراني، بإنشائه مطلع العام 2023 في منطقة الديماس بريف دمشق.

وبحسب مصدر مطلع من أهالي المنطقة، فقد قام الحرس الثوري الإيراني بتجهيز أحد المزارع بجانب إحدى مقرات الحرس الثوري على أطراف المنطقة، وقام بإخضاع 27 طفلًا لا تتجاوز أعمارهم الـ16 عامًا لدورة ترفيهية وعقائدية في المزرعة المذكورة لمدة أسبوعين.

مضيفًا: “جرى إخبار الأهل بأنه يتم اختيار عدد من الأطفال من بينهم ليتم إرسالهم لإيران بمنحة خاصة لتدريبهم وتأهيلهم علمياً ودينياً وعسكريا”، على أن يكون هناك منحة موازية للأهل تتضمن مساعدات مالية وغذائية.

وفي سياق متصل، تقوم إيران بدعم  تعلم اللغة الفارسية في الجامعات السورية؛ حيث افتتحت جامعة تشرين قسماً لدراسة اللغة الفارسية بالتعاون مع المستشارية الثقافية الإيرانية في اللاذقية[7]، كما قامت إيران بتقديم منح جامعية للطلاب السوريين بهدف بنائهم إيديولوجيًا بما ينسجم مع المشروع الإيراني، حيث أعلنت وزارة التعليم العالي السورية، في وقت سابق، منح مقاعد دراسية للمرحلتين الجامعية الأولى والدراسات العليا في مختلف الاختصاصات المتوافرة في الجامعات الإيرانية، ووصلت المنح المقدمة من إيران إلى 200 منحة، منها 100 منحة للمرحلة الجامعية الأولى، و100 منحة للدراسات العليا[8] كما جرى توقيع العديد من الاتفاقيات بين وزارة التعليم الإيرانية ووزارة التعليم التابعة لنظام الأسد[9]، إضافة لافتتاح أفرع للجامعات الإيرانية، منها جامعة “المصطفى العالمية” وجامعة “آزاد الإسلامية” (الجامعة الإسلامية الحرة)[10]، وكلية “المذاهب الإسلامية”[11]، وجامعة “إعداد المدرسين” (تربية مدرس)[12].

يضاف لذلك سعي إيران لاستقطاب زعماء العشائر في المنطقة الشرقية عبر تقديم الإغراءات المالية والسلطوية وكذلك تقديم الدعم المادي للمتشيعين الجدد في المنطقة، وهو ما أكدته تصريحات سابقة للشيخ إبراهيم الحاج، شيخ قبيلة قيس في المناطق المحررة، أن “إيران أغدقت الأموال على بعض الشخصيات العشائرية لتمرير مشروع التشيّع في سورية عامة، كما وتقوم بدفع رواتب شهرية تصل إلى 150 دولاراً أمريكياً، إلى العوائل التي أعلنت تشيُّعها”[13].

4)   التجذر الاقتصادي:

تسعى إيران للاستفادة من تدخلها العسكري في سورية اقتصاديًا، وتمويل مشاريعها العسكرية والثقافية من خلال الاستثمارات الاقتصادية المختلفة التي تقيمها/ تسعى لإقامتها في سورية، وفي هذا السياق وقعت إيران عشرات الاتفاقيات مع نظام الأسد، تسعى من خلالها لترسيخ وتجذير الوجود الاقتصادي الإيراني في سورية في مختلف القطاعات، ومن آخر تلك الاتفاقيات، ما أعلنه وزير الطرق الإيراني “مهرداد بذرباش”، نهاية نيسان/ إبريل 2023، عن تشكيل 8 لجان مشتركة مع حكومة نظام الأسد، تشمل قطاع المصارف والنفط والصناعة والنقل والسياحة والإسكان وغيرها، مشيرًا إلى أنّه تم الاتفاق مع نظام الأسد على “خفض التعريفة الجمركية على واردات السلع وتصفيرها باعتباره فرصة كبيرة للناشطين الاقتصاديين لتصدير البضائع”، إضافة للاتفاق على “إقامة ثلاث مناطق تجارية حرة لكي تبدأ إيران نشاطها في هذا المجال”، مؤكدًا على ضرورة إعادة تفعيل خط سكة حديد بين كل من إيران والعراق وسورية، مضيفًا في هذا السياق أنّ “تفعيل سكة حديد الشلمجة – البصرة مدرج أيضاً على جدول الأعمال بمساعدة الجانب العراقي”[14].

ثانيًا – استراتيجية الطرد والإحلال:

تقوم هذه الاستراتيجية على مضايقة الفاعلين الدوليين والإقليميين في سورية، على نحو يدفعهم لتقليص نفوذهم وصولًا إلى الانسحاب الجزئي أو الكلي من سورية، وذلك بهدف استفراد إيران بالملف السوري، وتحقيق الهيمنة الأكبر عليه.

وفيما يلي استعراض لمؤشرات هذه الاستراتيجية على مستوى تعامل طهران مع كل من الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا وروسيا وإسرائيل باعتبارهم أبرز اللاعبين الدوليين الفاعلين في الملف السوري:

1)   تجاه الولايات المتحدة الامريكية:

من الواضح أن إيران تضع إخراج الولايات المتحدة من سورية، على رأس أهدافها الاستراتيجية في سورية، وهو ما نجحت بتحقيقيه جزئيا في العراق، وتحاول تحقيقه في سورية، وذلك من خلال استنزاف القوات الأمريكية في سورية، وتكثيف الضربات العسكرية الموجهة للقواعد والمصالح الأمريكية، وهو ما لاحظناه عبر تكثيف الميليشيات الإيرانية استهدافهم الحقول النفطية الخاضعة لسيطرة القوات الأمريكية، وعلى رأسها حقل العمر النفطي، الذي جرى استهدافه أكثر من مرة، وكذلك القواعد العسكرية الأمريكية، في الشمال الشرقي، وقاعدة التنف في الجنوب الشرقي لسورية، والتي قامت الميليشيات الإيرانية باستهدافها عبر المسيرات المفخخة أكثر من مرة كان آخرها استهداف القاعدة بـ5 مسيرات مفخخة نهاية كانون الثاني/ يناير 2023[15].

وعلى صعيد متصل، تفيد المعلومات ببدء إيران تشكيل ميليشيات محلية، ضمن المجتمع المحلي، هدفها شن حرب عصابات ضد الوجود الأمريكي، دون إعلان طهران مسؤوليتها عن تلك الهجمات، وهو ما جرى خلال الهجمات الأخيرة التي شنتها الميليشيات المتحالفة مع إيران ضد القواعد الأمريكية نهاية آذار/ مارس الماضي والتي أدت لمقتل متعاقد أمريكي وإصابة عدد من الجنود الأمريكيين[16] دون أن تعلن طهران مسؤوليتها بشكل مباشر عن تلك الهجمات.

وعلى المستوى السياسي، تقوم بإيران بدعم المباحثات المستمرة بين نظام الأسد وقوات سوريا الديمقراطية (ميليشيا قسد)، بهدف توسيع نفوذها في الشمال الشرقي، ودفع قسد لبناء شراكة حقيقية مع نظام الأسد تدفعها لعدم ممانعة انسحاب القوات الأمريكية من مناطق سيطرتها.

مع الإشارة في هذا السياق إلى أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية المزمع عقدها في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024 من شأنها أن تؤثر بشكل مباشر على الاستراتيجية الإيرانية، خاصة بحال نجاح الجمهوريين بالوصول إلى البيت الأبيض، ودعمهم استراتيجية الانسحاب من سورية والتي تبناها ترامب سابقًا[17].

2)   تجاه تركيا:

لم يتم تسجيل أي عمليات استهداف مباشرة للقوات التركية في سورية من قبل المليشيات الإيرانية عقب اتفاق آذار/ مارس 2020 بين أنقرة وموسكو[18]، والذي جمد خطوط التماس بين مناطق النفوذ التركي ومناطق النفوذ الروسي والإيراني، إلا أن المليشيات الإيرانية شاركت بشكل فاعل في قضم أجزاء واسعة من مناطق النفوذ التركي جنوبي إدلب، كما انخرطت القوات التركية باستهداف الميليشيات الإيرانية بشكل مباشر قبل الاتفاق[19]، وهو ما يشير لاتباع إيران لـ”استراتيجية الطرد والإحلال” مع القوات التركية كما هو الحال مع القوات الأمريكية وإن كان بدرجة أقل نتيجة لضيق هامش المناورة.

وعلى المستوى السياسي، تحاول طهران من خلال انخراطها في المفاوضات الرباعية التي تضم لجانب إيران كلًا من تركيا وروسيا ونظام الأسد، لدفع النظام لرفض التطبيع السياسي مع أنقرة إلا بعد خطة متكاملة لانسحاب القوات التركية من الشمال السوري، وهو ما بدا واضحًا من خلال تصريحات المسؤولين في نظام الأسد والتي كان آخرها وزارة الدفاع لدى نظام الأسد، أن الاجتماع الرباعي لوزراء الدفاع في موسكو، والذي عقد في الـ25 من نيسان/ إبريل 2023 ناقش انسحاب القوات التركية من سورية[20].

مع الإشارة في هذا السياق إلى تأثير العوامل الداخلية في تركيا – بما فيها الانتخابات الرئاسية والبرلمانية – على احتمالية نجاح الاستراتيجية الإيرانية، في ظل توعد المعارضة بسحب القوات التركية من سورية بحال فوزها بالانتخابات.

3)   تجاه روسيا:

لا تظهر معالم “استراتيجية الطرد والإحلال” واضحة تجاه روسيا كما هو الحال مع الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا، إلا أن الدخول في تعقيدات العلاقات الروسية – الإيرانية في سورية، وتضارب المصالح بين موسكو وطهران؛ يظهر بشكل واضح المساعي الإيرانية في تحجيم النفوذ الروسي، على مختلف المستويات العسكرية والأمنية والاقتصادية.

ومن أبرز مؤشرات هذه الاستراتيجية على المستوى العسكري والأمني، هو المنافسة الإيرانية الحاصلة على التحكم بمفاصل جيش النظام السوري وأجهزته الأمنية وهو ما يظهر من خلال حركة التعيينات التي تشهدها قوى الجيش والأمن التابعة لنظام الأسد وتؤكدها العديد من التقارير، منها على سبيل المثال تقرير صحيفة الإندبندنت البريطانية تحت عنوان “هل تُطيح روسيا نفوذ إيران في الأجهزة الأمنية السورية”[21] والذي تحدث عن التنافس الروسي – الإيراني على الأجهزة الأمنية وغيرها من التقارير.

كما تظهر هذه الاستراتيجية واضحة من خلال سعي المليشيات الإيرانية – بحسب مصادر محلية – إلى استغلال تراجع النفوذ الروسي وإخلاء موسكو لعدد من قواعدها في المنطقة الشرقية عقب الحرب الأوكرانية، وملء الفراغ الذي يخلفه الانسحاب الروسي من قبل تلك المليشيات.

وعلى المستوى السياسي، تحاول إيران مقايضة روسيا لتحصيل مزيد من النفوذ في سورية، مقابل وقوفها لجانب موسكو في حربها ضد أوكرانيا، وهو ما بدا واضحًا من خلال تزويد طهران لروسيا بمئات الطائرات المسيرة[22] التي يستخدمها الجيش الروسي بكثافة في الحرب الأوكرانية، وذلك كنوع من الاستخدام الناعم من قبل طهران لـ”استراتيجية الطرد والإحلال”.

4)   تجاه إسرائيل:

على الرغم من عدم وجود إسرائيلي بري على الجغرافية السورية، فإن النفوذ الإسرائيلي على الأجواء السورية، وشن المقاتلات الإسرائيلية هجمات مستمرة على القواعد والمواقع الإيرانية في سورية؛ دفع إيران لاتباع “استراتيجية الطرد والإحلال” تجاه النفوذ الإسرائيلي على الأجواء السورية، ويظهر ذلك واضحًا من خلال اتفاق وزير الدفاع الإيراني ونظيره لدى نظام الأسد على تطوير إيران للدفاعات الجوية التابعة للنظام[23]، وكذلك سعي إيران لبناء “توازن ردع” مع إسرائيل يمنعها من شن مزيد من الغارات على الأراضي السورية، وذلك من خلال شن هجمات على الأراضي الإسرائيلية من مواقع نفوذها في سورية ولبنان وفلسطين عقب الغارات الإسرائيلية، الأمر الذي يزيد مخاوف تل أبيب من ردة الفعل الإيرانية تجاه غاراتها على مواقعها في سورية.

يضاف لذلك استمرار إيران باستقدام الأسلحة المتطورة إلى الجنوب السوري، لزيادة مستوى الردع ضد تل أبيب، وهو ما أكدته العديد من التقارير الاستخباراتية الإسرائيلية والغربية، والتي كان آخرها تقرير لصحيفة “التيلغراف” البريطانية، مطلع نيسان/ إبريل 2023، أشار إلى أن إيران استغلت رحلات الإغاثة إلى سورية لنقل معدات عسكرية، مشيرة، إلى نقل طهران “معدات اتصالات متطورة وبطاريات رادار، بالإضافة إلى قطع غيار مطلوبة لترقية نظام الدفاع الجوي السوري، بهدف تعزيز دفاعات إيران لصد الغارات الإسرائيلية في سورية” بحسب الصحيفة[24].

وعلى المستوى السياسي، تحاول إيران تطوير علاقتها مع دول الجوار، وفك العزلة عن نفسها في محيطها الإقليمي، بهدف قطع الطريق أمام الدبلوماسية الإسرائيلية وأمام أي تحالف إسرائيلي مع دول المنطقة لمواجهة النفوذ الإيراني، وهو ما ظهر واضحًا من خلال تقدم خطوات التطبيع الإيراني مع المملكة العربية السعودية عن خطوات التطبيع الإسرائيلي – السعودي، الذي تحاول تل أبيب المضي به.

خاتمة:
تعتمد إيران على تطوير استراتيجية شاملة لبناء وجود طويل المدى على مختلف المستويات العسكرية والأمنية والثقافية والاقتصادية، وتجذير هذا الوجود وتقنينه على نحوي يعقد من إمكانية تحجيم النفوذ الإيراني في سورية مستقبلًا.
وتسعى إيران في الوقت ذاته لتحجيم نفوذ القوى الدولية الفاعلة في الملف السوري، وفق خطوات مدروسة على المستوى العسكري والأمني والثقافي والاقتصادي، تستهدف من خلالها كلًا من الولايات المتحدة وروسيا وتركيا وإسرائيل.
وعلى ضوء ذلك فمن غير المرجح أن يفضي التطبيع العربي لانزياح إيران من سورية بسبب التجذر الإيراني على مختلف المستويات العسكرية والأمنية والثقافية والاقتصادية، في حين يبقى نجاح استراتيجية “الطرد الإحلال” التي تتبعها إيران تجاه اللاعبين الدوليين في سورية، مرتبطة بمدى تطوير تلك القوى لاستراتيجيات مضادة للاستراتيجية الإيرانية، والتي لا تبدو – وعلى وجه الخصوص الولايات المتحدة وتركيا – ضمن المعطيات الحالية راغبة بتنفيذ انسحاب كلي من الأراضي السورية.

ملحق[25]– وثيقة مسربة تظهر منح النظام الأسد الجنسية السورية لـ11 شخصًا من مواليد محافظات إيرانية مختلفة:

 

[1] ينظر: SETH J. FRANTZMAN, Syrian regime grants citizenship to Iranians, Hezbollah fighters, The Jerusalem Post

[2] ينظر: فرانس 24، سوريا وإيران توقعان اتفاقية لإعادة “بناء الجيش السوري”

الجزيرة، لتطوير الدفاعات الجوية السورية.. توقيع اتفاقية عسكرية بين طهران ودمشق.

[3] عدنان أحمد، صراع إيراني-روسي على المؤسسات الأمنية السورية: فيلق سادس قريباً، العربي الجديد

[4] ينظر: إندبندنت عربية، هل تُطيح روسيا نفوذ إيران في الأجهزة الأمنية السورية؟

[5] Almonitor, Russia, Iran compete for influence in Syria via private security companies

[6] تلفزيون سوريا، مؤسسات النفوذ الإيراني في سورية والأساليب المتبعة في التشييع

[7] افتتاح قسم اللغة الفارسية بالمعهد العالي للغات بجامعة تشرين، الموقع الرسمي لجامعة تشرين

[8] الموقع الرسمي لوزارة التعليم العالي التابعة لنظام الأسد، اتفاقية لتبادل المنح الدراسية بين سوريا وإيران

[9] وكالة سانا، سورية وإيران توقعان مذكرة تفاهم في مجال التعليم العالي

[10] وكالة فارس، ولايتي: الرئيس السوري وافق على افتتاح فروع لجامعة آزاد الاسلامية في بلاده

[11] وكالة تسنيم، بعد لقاء خرازي بوزير الأوقاف السوري: تأسيس كلية للمذاهب الإسلامية في دمشق

[12] وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء (إرنا)، وزير العلوم يعلن : انشاء فرع لـ ‘جامعة تربية مدرس’ في سوريا.

[13] مصعب المجمل، TRTعربي، كيف تغلغلت إيران داخل العشائر العربية في سوريا ودير الزور خصوصا

[14] الميادين، اتفاقيات اقتصادية بين طهران ودمشق.. ماذا في تفاصيلها؟

[15] وكالة الأناضول، طائرات مسيرة مجهولة تستهدف قاعدة أمريكية جنوبي سوريا

[16] CCN بالعربية، البنتاغون: مقتل متعاقد أمريكي وإصابة 5 جنود بضربة “درون” يشتبه أنها تابعة لجماعة موالية لإيران بسوريا

[17] وكالة الأناضول، ترامب يعلن رسميا سحب القوات الأمريكية من سوريا

[18] BBC عربي، الحرب في سوريا: اتفاق روسي على وقف إطلاق النار في إدلب

[19] تلفزيون سوريا، ميليشيا إيران تعيد انتشارها في حلب وإدلب وتتكبّد خسائر كبيرة

[20] وكالة سبوتنيك، الدفاع السورية: بحثنا انسحاب القوات التركية من سوريا خلال الاجتماع الرباعي لوزراء الدفاع

[21] إندبندنت، مصدر سابق.

[22] وكالة الأناضول، هل تُطيح روسيا نفوذ إيران في الأجهزة الأمنية السورية

[23] الجزيرة، لتطوير الدفاعات الجوية السورية.. توقيع اتفاقية عسكرية بين طهران ودمشق

[24] The telegraph, Iran ‘used earthquake relief flights’ to supply weapons

[25] يمان نعمة، وثيقة مسربة تكشف تجنيس الأسد لمقاتلين من إيران، عربي 21

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى