إيران والولايات المتحدة علاقة معقدة تتجاوز ثنائية حلفاء أو أعداء
هل يمكن أن تعتمد الولايات المتحدة على العرب السنة لمواجهة التمدد الإيراني في سورية والعراق؟
هل هناك مشكلة حقيقية بين الولايات المتحدة وإيران أم أنها مجرد مسرحية لطحن العرب السنة؟
يُعتَقد أن العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران لا يمكن حصرها بثنائية حلفاء أو أعداء لكنها علاقة مركبة ومعقدة تجتمع فيها أوصاف العدو المفيد أو الفاعل الوظيفي
ولا شك أن الولايات المتحدة في السابق ومنذ الاحتلال الأمريكي للعراق في2003 مدت الحبل للنظام الإيراني في العراق ومع الربيع العربي تحركت إيران في العدي دمن الدول العربي دون أدنى اعتراض من الولايات المتحدة والكيان الصهيوني وبدأت مشروعها بطحن العرب السنة في سورية والعراق واليمن ولبنان وإحداث تغيير ديموغرافي في سورية والعراق يمنع العرب السنة من تجميع أوراق قوتهم في أي دور سياسي في هذه المنطقة وهذا الأمر خدم المصالح الأمريكية بشكل كبير بناء على المقولة التي تقول أن الاستراتيجية الأمريكية الغامضة تعرف بما هو الواقع وليس بما يصرح به الساسة والمسؤولون الأمريكيون.
إن الولايات المتحدة كدولة إمبراطورية في صورة جمهورية تستبطن التخوف الدائم من كل الشعوب التي ترتبط بذاكرة تاريخية تتعلق بماضيها الإمبراطوري مثل الترك واليابانيين والعرب والفرس، وتخشى من أي بيئة استقرار تؤدي إلى نهوض هذه الشعوب.
لكنها في طريقة الإجهاض المستمر ليقظة العرب السنة تحديداً تستثمر بالمشروع الصهيوني كقاعدة عسكرية متقدمة للغرب ومشروع الاستبداد العربي كقوة أمنية ضابطة للشعوب وبالمشروع الإيراني الذي يعتبر أهم مولدات الصراع الطائفي وإثارة الفوضى والضغط والابتزاز على الأنظمة العربية لدفعهم نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني ودفع مقدراتهم المالية للولايات المتحدة لقاء الحماية من الخطر الإيراني كما أن الفوضى الأمنية تمنع الصين من تمديد مشاريعها الاقتصادية في الشرق الأوسط .
والآن بعد أن نجحت إيران باستنفاذ الصراع الطائفي مع داعش والقاعدة وطوعت الأنظمة العربية وأرغمتهم على التطبيع معها بعد أن ملت هذه الأنظمة من الابتزاز الأمريكي لها في صراعها مع إيران، تحاول إيران الانتقال من دور إدارة الفوضى والصراع إلى دور إدارة الاستقرار بسيادتها على المنطقة والسيطرة على الطرق التجارية والوصول لموانئ المتوسط في سورية ولبنان مروراً بالعراق ومد أنابيب الغاز والسيطرة على الحركة المالية وأمن خطوط الملاحة في المنطقة.
وهنا تكون إيران قد اقتربت من الخطوط الحمراء بالنسبة للولايات المتحدة وخرجت عن الدور المرسوم لها أمريكياً خصوصا بعد أن غيرت الولايات المتحدة نظرتها للنظام الإيراني من كونه طفل مشاغب يحاول تعزيز نفوذه الإقليمي للدخول بشراكة مع الغرب، إلى كونه أهم أعمدة المشروع الروسي والصيني في المنطقة بعد أن انخرطت إيران بالحرب الأوكرانية ودخلت في عضوية منظمة شانغهاي ووقعت اتفاقيات اقتصادية ضخمة مع الصين واتفاقيات أمنية مع روسيا إضافة لوصول إيران إلى عتبة تصنيع السلاح النووي.
ضمن هذا التحول الخطير لإيران فإنه من الطبيعي جداً أن تتخذ الولايات المتحدة إجراءات رادعة للتمدد الإيراني ومحاولة صناعة منطقة مستقرة لنفوذها في سورية والاستثمار بها اقتصادياً ولو دفع الولايات المتحدة إلى الاعتماد على العرب السنة كأداة يمكن أن تكبح بها الرغبة الإيرانية بالانتقال من مرحلة صناعة الصراع والفوضى إلى مرحلة جني الأرباح الاقتصادية والتنمية كما حدث أن صنعت الولايات المتحدة الصحوات السنية في العراق لمواجهة خطر القاعدة بالدم السني .
بالملخص يمكن القول إن الاستثمار الأمريكي بالنظام الإيراني أثناء مرحلة إدارة الفوضى والصراع الطائفي لا يعني أن هذا النظام هو المعتمد أمريكياً لإدارة مرحلة الاستقرار والتنمية الاقتصادية في المنطقة بالحالة التي تكون فيها إيران شريكة مع الصين وروسيا.